نعود ونتلو عليكم باختصار. ما جرى للسيد فهيد من تقاعس اخوانه عن المعاونة والانتصار. وما ذاك إلا إنه جبر الله خاطره. وأدر عليه من خلف العناية مواطره. كان قد شد قوسه على مولانا الشريف واخائه. واستل صارم الصرامة عليه في شدته ورخائه. ومولانا الشريف متدرع جلباب الصبر. متورع عن فتح باب المصارمة وصدع ما لا يلتئم بالجبر. يغار على مشاعره وحرمه. كما يغار على مفاخره وحرمه. فلما زاد كما تقول العامة الماء على الدقيق. ولوحظ ما حقه التفخيم بالترقيق. وأخذ مولانا السيد فهيد بجانب أكمل الدين القطبي. وأراد أن يلبسه القفطان من قبل أن يحرم ويلبي. وقف مولانا الشريف ذلك الموقف. وأعتنق السمهري بعاتق لا ينثني ولو أن الخميس العرمرم بزمزم أبطاله ترعب وترجف. وأقسم لا يلبس القفطان إلا وقد ورد السنان نحره. فقال مولانا السيد فهيد ولو خربت البلاد فقال ولو خربت قبل سحره. فعند ذلك تراجعاً إلى النهي. وفكرا في المبدا والمنتهي. وعادا وفي قلب كل منهما وقد. ومولانا الشريف أخذ من ذلك الآن في حل ما مضى من العقد. خصوصاً لما صمم القطبي ورجع مع الأمير. ولم يجعل التفكر في عواقب الأمور أصدق ضمير. ودخل معه إلى المدرسة المعروفه. ولبس الخلعة السنية الموصوفه. وتجاهه من جماعة الأمير. اثنان من الاساكفة أرباب التشمير. وشق الشارع الأعظم حتى انتهى إلى سويقه. وصواهل خيله تسمع من كل شباك وطويقه. كل ذلك عناد لسيده ومولاه. وكفر لمن خوله هذه النعمة وأولاه. فاضمر مولانا الشريف حينئذ الحقد. وابطن في ضميره وأضمر في نفسه أن يصوغ له خلخالاً ولكن مشدود بالقد. فلما انثنى الحج راجعاً. وبقى الفج فاجعاً. راسل مولانا الشريف ابن أخيه محسن في هذا الأمر المهم. واستدعاه لانتزاع ما كان قسم لفهيد وسهم. فأقبل السيد محسن هو وجنده من اليمن. وغيرهم من السادات الذين يقدون بصوارمهم الجواشن والجنن. فقل في وصفهم ليوث آجام. أم جن يثبون على الصهوات غير معتمدين على ركاب ولجام. ومولانا الشريف فهيد في جمع من نقاوة بني حسن. ومعه من الرماة مائتان لا يخطؤن إذا رموا في ليلة من جمادي ولو أن جفونهم ملأى من الوسن. فلم يزل كل منهم يبرق ويرعد. والجد لجند مولانا الشريف مسعد. ثم ألح أعوان مولانا الشريف في الاقدام. ولما تبين مولانا السيد فهيد أنهم لا يبالون بالفناء والاعدام. فتر مولانا السيد فهيد عن سفك الدماء في الحرم. وانتهاك الحرمات وهتك الحرم. وقبل قولهم في الخروج من البلاد. ولكن بعد مدة يمكنه فيها الاستقلال والاستعداد. فأجابه الشريف إلى الملتمس. ولابالي بمن هيثم أو همس. فلما دنت المده. توجه إلى الشرق بتلك العده. ولم يسفك بمكة من الدماء المحترمة دم. ولا سال ما يوجب الطهارة فكيف ما يملأ الأدم. ثم إن مولانا الشريف عن له أن ينتقم. ممن كان سبباً لهذه الفتنة وقد كتب عليه في الأزل ورقم. فأول ما ابتدأ بأمر الله الكاتب. لفلتات لسانه ووضعه اعداد الكلام في غير المراتب. وعدم جمعه بنفسه. وطرحه الزوائد التي لا تليق بجنسه. فعومل معاملة ابن هاني. واستراح من التعازي والتهاني. ثم ثنى بأكمل الدين. وجعله من أهل البادية بعد التمدين. وطلب إلى الفريق. وكاد أن يأمر بارتكاب إحدى المشقتين لولا الحلم والعرق العريق. ووفى له الشريف بذلك الخلخال الموعود. وأعلاه الأدهم بعد ركوبه الأشقر. بعيشه الأخضر. ومن يومه المسعود. وهكذا الدنيا شعر
دار إذا ما أضحكت في يومها ... أبكت غداً سحقاً لها من دار