إن ادّعوا جاءت الدنيا مصدقة ... وإن دعوا قالت الأيام آمينا
لا زالت فضائلكم على منصات عرائس الفوائد تجلى. ولا برحت فواضلكم على منابر جوامع مجامع الذكر تنشر وتتلى
قسماً بما أوليت من حسن الشيم ... وجنيت من غرر المعارف والهمم
لم أرض من اكبار نظمك عندما ... قابلته أني أقبله بغم
بل صغته تاجاً لمفرق جبهتي ... ووضعته حاشاه من وضع علم
وبدت بديهتي العجولة إذ زهت ... بعلاه قائلة تفاءل من نظم
هذا نظام الدين فزت بنظمته ... أم سجع قمري نعمت بنغمته
أم زهر نسرين تدلى نوره ... فسرى النسيم لنا بطيّب نفحته
أم جيب غزلان اللوى والمنحنى ... أبدى ضياء الفجر أبيض صفحته
أم وجه ليلي العامرية أسفرت ... لما بدت ليلاً براقع غرته
أم شامة المحبوب في وجناته ... شامت بروقاً أو مضت عن طرته
أم نقش معصم ذات حسن أبرزت ... بيض الليالي في دياجي خضرته
أم سمط ياقوت بسلك دمقسه ... بهر العقول بدائع في صنعته
أم نظم مولى راق إذ فاق الورى ... بكمال ما أوتيه موشى رقعته
نظم إذا ما دار كاس سلافه ... في رأسي الراسي سكرت بخمرته
نظم إذا ما فاح نشر عبيره ... بين الورى عبق الوجود بعطرته
غنى به ركب الحجاز وزمزمت ... بين الصفا أهل الصفا ومروته
وحدت به وفاد موشى طرسه ... فبدت تخبرنا عالي رفعته
هو مجمع البحرين بحر حقائق ... ومحيط كنز الفقه صدر شريعته
مغنى اللبيب بفضله وبفهمه ... يسرى إليه منه سرّ سريرته
وخلاصة الفضلاء عمدتهم إذا ... ما أشكل الأشكال كشف حقيقته
ومساعد النبلا بكشف غوامض ... كشفت على عالي علىّ قريحته
نجني الفواكه من رياض قد نمت ... وتنمنمت في روض رائض روضته
شرح الصدور ينال من تلقائه ... وشفاؤها منه بلامع فطنته
لا أستطيع لفضله وصفاً ولو ... بالغت في مدحي ببالغ مدحته
خمدت صحاح الفكر إذ ألفيته ... قاوس فضل فاز منه ببلغته
فحجلت أن أبدي نظامي عنده ... وخشيت منه أن يبوأ بخجلته
لكن هجمت على فواضل فضله ... وجعلته هدياً لعالي حضرته
لا زال للطلاب خير مؤمل ... فينال كل منه كامل بغيته
تبدي له الأيام رونق صفوها ... وتنيله ما رام من أمنيته
ما سجع القمري فوق إراكة ... وترنم العصفور وسط أريكته
نعتذر لسيدنا فيما أبديناه من هذيان تمجه المسامع ولا لقبله الطباع فغايته الحيلة على تحريك سلاسل مراسلاتكم العذبة لتتشرف بالنظر إليها العيون وتتشنف بسماعها الأسماع. يسر الله لكم العود إلى أشرف البقاع ومتعنا بمشاهدة تلك الطلعة الشريفة المتفق على شرفها الاجماع. والله يبقى المولى ومقامه مقام إبراهيم رزقاً وأماناً. محفوظاً ومحروساً مؤيداً بالله معاناً. مصوناً في الخمس من الست بالسبع. عالياً مكانه علو الشمس وحماه المفرد محفوظ وما حواه من سالم الجمع. آمين. وقد وصل ما تفضل به مولانا وكان من أعز ما وصل. وحصل به من أنواع المسرة والفرح ما حصل فالله تعالى يجزل لسيدنا المنه. ويطعمه بعد العمر الطويل من ثمار الجنه. والأيادي الكريمة والاقدام. مقبلة على الدوام والسلام. حرر في ٢٢ ثاني الربيعين لسنة ١٠٥ وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم.
فراجعه سيدي الوالد عن هذه القصيدة بقوله
يا طائراً أشجي الفؤاد بنغمته ... ما هاج نوحك يا هتوف بدمنته
هل هبت الأرواح من ذي ضارج ... أم ذا نسيم الغور عاد بنفحته
أم قد ذكرت فروع بانات الحمى ... وتجاوب الأطيار فيه بسحرته
إذ رحت تذكرني بلحن مسجع ... زمناً حويت الأنس فيه برمته