للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَقَلَبُوُا الْيَاءَ أَلِفًا كَرَاهَةَ التَّشْدِيدِ، وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: وَزْنُهَا فَاعِلَةٌ عَلَى وَزْنِ دَابَّةٍ، وَالْأَصْلُ آيِيَةٌ، وَدَابِبَةٌ فَالْأَلِفُ الثَّانِيَةُ مَحْمُولَةٌ كَالْأَلِفِ فِي ضَارِبَه، وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: الْأَصْلُ أَيَيَةٌ فَقَلَبُوُا الْيَاءَ الْأُولَى ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها.

- وقوله تعالى: {مُبِينٍ اقْتُلُوا}.

قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَنَافِعٌ وَالْكِسَائِيُّ بِضَمِّ التَّنْوِينِ كَأَنَّهُمْ كَرِهُوُا الْخُرُوجَ مِنْ كَسْرٍ إِلَى ضَمٍّ، فَأَتْبَعُوُا الضَّمَّ الضَّمَّ.

وَالْبَاقُونَ: «مُبِينٍ اقْتُلُوا» بِكَسْرِ التَّنْوِينِ، لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ مِثْلَ: {أَحَدٌ الله الصمد}.

- وقوله تعالى: {إن كنتم للرءيا تَعْبُرُونَ}.

قَرَأَ الْكِسَائِيُّ «لِلرُّؤْيَا» بِالْإِمَالَةِ بِالْيَاءِ، وَأَلِفِ التَّأْنِيثِ لِأَنَّ «رُؤْيَا» فَعَلَى بِمَنْزِلَةِ حُبْلَى وَبُشْرَى.

وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِتَفْخِيمِ ذَلِكَ عَلَى أَصْلِ الْكَلِمَةِ.

وَرَوَى أَبُو الْحَارِثِ عَنِ الْكِسَائِيِّ، «لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ» بِالْفَتْحِ وَ «لِلرُّؤْيَا» بِالْكَسْرِ فَكَأَنَّهُ قَدَّرَ أَنَّ النَّصْبَ وَالْجَرَّ، يُبَيَّنَانِ فِيهَا فَيَفْتَحُ «لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ» لِأَنَّهُ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ، وَأَمَالَ «الرُّؤْيَا» لِأَنَّهُ فِي مَوْضِعِ جَرٍّ، وَذَلِكَ خَطَأٌ، لِأَنَّ الرُّؤْيَا رَفْعُهُ وَنَصْبُهُ وَجَرُّهُ سَوَاءٌ، لِأَنَّهُ مَقْصُورٌ لَا يُتَبَيَّنُ فِيهِ الْإِعْرَابُ، وَإِنْ كَانَ أَمَالَ أَحَدَهُمَا وَفَخَّمَ الْآخَرَ عَلَى أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ اللُّغَتَيْنِ جَائِزَتَانِ فَقَدْ أَصَابَ.

- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {في غيابت الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ}.

فَقَرَأَهَا نَافِعٌ «غَيَابَاتِ» بِالْجَمْعِ، كَأَنَّهُ أَرَادَ ظُلَمَ الْبِئْرِ وَنَوَاحِيَهَا، لِأَنَّ الْبِئْرَ لَهَا غَيَابَاتٌ.

وَقَرَأَ الباقي: «فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ» عَلَى التَّوْحِيدِ، وَهُوَ الِاخْتِيَارُ، لِأَنَّهُمْ أَلْقُوهُ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ، لَا فِي أَمْكِنَةٍ، وَجِسْمٌ وَاحِدٌ لَا يَشْغَلُ مَكَانَيْنِ.

وَشَاهِدُهُمْ أَيْضًا مَا حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَانَ، عَنْ علي، عن أبي عبيد قال: في حرف أُبَيٍّ: «وَأَلْقُوهُ فِي غَيْبَةِ الْجُبِّ» فَهَذَا شَاهِدٌ لِمَنْ وَحَّدَ.

فَأَمَّا قَوْلُهُ: «يَلْتَقِطْهُ» فَقَرَأَ الْقُرَّاءُ السَّبْعُ بِالْيَاءِ، وَإِنَّمَا ذَكَرْتُهُ، لِأَنَّ الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ، قَرَأَ: «تَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ» بِالتَّاءِ، وَإِنَّمَا أَنَّثَ بَعْضًا وَهُوَ مُذَكَّرٌ، لِأَنَّهُ مُضَافٌ إِلَى

<<  <   >  >>