للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَفْرَهُ عَبْدٍ.

- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إليهم}.

روى حفص عن عاصم «نوحي» بالنون وَكَسْرِ الْحَاءِ، اللَّهُ تَعَالَى يُخْبِرُ عَنْ نَفْسِهِ.

وَقَرَأَ الْبَاقُونَ: «يُوحَى» عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، فَالْمَصْدَرُ مِنَ الْأَوَّلِ: أَوْحَيْنَا نُوحِي إِيحَاءً، وَمِنَ الثَّانِي أُوحِيَ إِلَيْهِمْ يُوحَى، وَفِيهَا لُغَةٌ ثَالِثَةٌ يُقَالُ: وَحَيْتُ إِلَيْهِ بِمَعْنَى أَوْحَيْتُ، فَإِذَا لَمْ تُسَمِّ فَاعِلَهُ مِنْ هَذَا قُلْتَ: وُحِيَ إِلَيْهِ.

حَدَّثَنِي ابْنُ مُجَاهِدٍ، عَنِ السِّمَّرِيِّ، عَنِ الْفَرَّاءِ قَالَ: قَرَأَ أَبُو حَيْوَةَ الْأَسَدِيُّ «قُلْ أُحِيَ إِلَيَّ» أَرَادَ: وُحِيَ فَقَلَبَ الْوَاوَ هَمْزَةً اسْتِثْقَالًا لِلضَّمَّةِ عَلَيْهَا مِثْلَ: {وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ} وَ «وُقِّتَتْ» وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: فُلَانُ ابْنُ أَدٍّ، إِنَّمَا هُوَ وُدٌّ فُعْلٌ مِنَ الْوُدِّ فَقُلِبَ.

وَقَرَأَ حَفْصٌ فِي كُلِّ الْقُرْآنِ «نُوحَى» بِالنُّونِ إِلَّا فِي {عسق} فَإِنَّهُ قَرَأَ «كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ». أَيْ: يُوحِي اللَّهُ إِلَيْكَ.

وَقَرَأَ الْبَاقُونَ: «يُوحِي».

- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ}.

قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَحْدَهُ: «قَالُوا إِنَّكَ» بِغَيْرِ مَدٍّ عَلَى لَفْظِ‍ الْخَبَرِ، كَمَا تَقُولُ: إِنَّكَ في الدار.

وقرأ الباقون: «أإنك» بِالِاسْتِفْهَامِ، غَيْرَ أَنَّ أَهْلَ الْكُوفَةِ هَمَزُوا هَمْزَتَيْنِ وَالْبَاقُونَ بِهَمْزَةٍ وَمَدَّةٍ وَقَدْ بَيَّنَّا عِلَّةَ ذَلِكَ فِيمَا تَقَدَّمَ.

وَحُجَّةُ ابْنِ كَثِيرٍ أَنَّهُمْ لَوِ اسْتَفْهَمُوا لَقَالَ لَهُمْ فِي الْجَوَابِ: نَعَمْ أَوْ لَا وَلَكِنَّهُمْ أَنْكَرُوا أَنْ يَكُونَ هُوَ يُوسُفُ، فَقَالَ فِي الْجَوَابِ «أَنَا يُوسُفُ».

- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّهُ مِنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ}.

قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ فِيمَا قَرَأْتُ عَلَى ابْنِ مُجَاهِدٍ عَلَى قُنْبُلٍ: «مَنْ يَتَّقِي» بِالْيَاءِ وَهُوَ جَزْمٌ بِالشَّرْطِ‍، غَيْرَ أَنَّ مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يُجْرِي الْمُعْتَلَّ مَجْرَى الصَّحِيحِ فَيَقُولُ: زَيْدٌ لَمْ يَقْضِي، وَالِاخْتِيَارُ: لَمْ يَقْضِ تَسْقُطُ‍ الْيَاءُ لِلْجَزْمِ، وَبِهَذَا نَزَلَ الْقُرْآنُ، وَهِيَ اللُّغَةُ الْمُخْتَارَةُ كَمَا قَالَ: {فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ}.

وَلَمْ يَقُلْ: قَاضِي. وَكَانَ الْأَصْلُ فِيمَنْ أَثْبَتَ الْيَاءَ: يَتَّقِي بِضَمِّ الْيَاءِ فِي الرَّفْعِ فَلَمَّا انْجَزَمَ سَقَطَتِ الضَّمَّةُ وَبَقِيَتِ الْيَاءُ سَاكِنَةٌ، وَإِنَّمَا تَجُوزُ هَذِهِ اللُّغَةُ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ وسائر

<<  <   >  >>