للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شَرِبْتُ الْبَارِحَةَ لَبَنَ بَعِيرِي، أَيْ: نَاقَتِي.

وَمَنْ قَرَأَ بِالنُّونِ أَيْ: نَكْتَالُ جَمِيعًا، وَهُوَ يَكْتَالُ مَعَنَا، يَكْتَلْ وَنَكْتَلْ جَمِيعًا مَجْزُومَانِ، لِأَنَّهُ جَوَابُ الْأَمْرِ، وَجَوَابُ الْأَمْرِ إِنَّمَا يَنْجَزِمُ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الشَّرْطِ‍ وَالْجَزَاءِ، أَرْسِلْهُ مَعَنَا فَإِنَّكَ إِنْ أَرْسَلْتَهُ مَعَنَا نَكْتَلْ.

فَإِنْ سَأَلَ سَائِلٌ فَقَالَ: مَا وَزْنُهُ مِنَ الْفِعْلِ؟

فَقُلْ: يَفْتَعِلُ وَالْأَصْلُ: يَكْتَيِلُ فَاسْتَثْقَلُوُا الْكَسْرَةَ عَلَى الْيَاءَ فَخُزِلَتْ فَانْقَلَبَتِ الْيَاءُ أَلِفًا، لِانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا فَصَارَتْ يَكْتَالُ، فَالْتَقَى سَاكِنَانِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ فَحُذِفَتِ الْأَلِفُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، وَإِنَّمَا ذَكَرْتُ ذَلِكَ، لِأَنَّ أَبَا عُثْمَانَ الْمَازِنِيَّ سَأَلَ يَعْقُوبَ بْنَ السِّكِّيتِ، عَنْ نَكْتَلْ مَا وَزْنُهُ؟ فَقَالَ: نَفْعَلُ فَغَلِطَ‍.

- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {فلما استيأسوا} و {حتى إذا استيأس الرُّسُلُ}.

رَوَى شِبْلٌ عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ «اسْتَئَاسَ» بالألف «فلما استئياسوا» لامه، والمصدر منه استيأس يستيئس استيئاسا فَهُوَ مُسْتَيْئِسٌ، وَجَعَلَهُ شِبْلٌ اسْتَفْعَلَ مِنْ أَيِسَ الْهَمْزَةُ قَبْلَ الْيَاءِ وَالْإِيَاسُ، الْمَصْدَرُ مِنْ هَذَا، استأيس يستأيس استئياس فَهُوَ مُسْتَيْئِسٌ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ:

يَئِسْتُ مِنَ الشَّيْءِ وَأَيَسْتُ مِنْهُ.

- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا}.

قَرَأَ حَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ وَحَفْصٌ عَنْ عَاصِمٍ «حَافِظًا».

وَقَرَأَ الْبَاقُونَ «حِفْظًا».

فَمَنْ قَرَأَ «حِفْظًا» نَصَبَهُ على التمييز كما تقول: هو أحسن منك وَجْهًا وَأَحْسَنُ مِنْكَ رِعَايَةً.

وَمَنْ قَرَأَ «حَافِظًا» نَصَبَهُ عَلَى الْحَالِ وَعَلَى التَّمْيِيزِ جَمِيعًا، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ فِي حَرْفِ ابْنِ مَسْعُودٍ «فَاللَّهُ خَيْرُ الْحَافِظِينَ» جَمْعُ حَافِظٍ‍، كَمَا قَالَ: {وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ}.

وَالْعَرَبُ تَقُولُ: هُوَ خَيْرُهُمْ أَبًا، ثُمَّ يَحْذِفُونَ الْهَاءَ وَالْمِيمَ فَيَقُولُونَ: هُوَ خَيْرٌ أَبًا، وَكَذَلِكَ خَيْرُهُمْ حِفْظًا وَ «خَيْرٌ حَافِظًا» بِمَعْنًى.

فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَمَا مَعْنَى قَوْلِ الْعَرَبِ: زَيْدٌ أَفْرَهُ عَبْدًا وَأْفَرَهَ عَبْدٍ؟ فَالْجَوَابُ فِي ذَلِكَ أَنَّكَ إِذَا خَفَضْتَهُ مَدَحْتَهُ فِي نَفْسِهِ، وَكَانَ هُوَ الْعَبْدُ الْفَارِهُ، وَإِذَا نَصَبْتَ فَمَعْنَاهُ: أَنَّ عَبِيدَ زَيْدٍ أَفْرَهُ مِنْ عَبِيدِ غَيْرِهِ، وَتُقُولُ: الْخَلِيفَةُ أَفْرَهُ عَبْدًا مِنْ غَيْرِهِ وَأَفْرَهُ عَبِيدًا، وَهَذَا الْمَمْلُوكُ

<<  <   >  >>