للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لَوْ بِغَيْرِ الْمَاءِ حَلْقِي شَرِقٌ ... كُنْتُ كَالْغَصَّانِ بِالْمَاءِ اعْتِصَارِى

يُقَالُ: شَرِقَ بِالْمَاءِ وَغَصَّ بِالطَّعَامِ.

وَمَنْ قَرَأَ بِالتَّاءِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ كَمَعْنَى الْيَاءِ أَيْضًا.

- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ}.

قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ «نَشَاءُ» بِالنُّونِ الله تعالى يخبر عن نفسه.

وقرأ الباقون بِالْيَاءِ «حَيْثُ يَشَاءُ» وَمَعْنَاهُ: حَيْثُ يَشَاءُ يُوسُفُ، وَيُوسُفُ لَا مَشِيئَةَ لَهُ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قال: {وما تشاؤن إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} وَالْمَشِيئَةُ لَهُ بَعْدَ مَشِيئَةِ اللَّهِ وَقَضَائِهِ، وَهَذَا كَمَا تَقُولُ: أَضَلَّ اللَّهُ الْكَافِرِينَ فَضَلُّوا هُمْ، وَأَمَاتَ اللَّهُ زَيْدًا فَمَاتَ هُوَ، هَذَا إِذَا جَعَلْتُ الْمَشِيئَةَ بِمَعْنَى الْعِلْمِ وَالْقَضَاءِ، أَيْ: عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُمْ يَشَاءُونَ ذَلِكَ، وَمَعْنَى «يَتَبَوَّأُ» يَنْزِلُ، وَالْمُتَبَوَّأُ: الْمَنْزِلُ، وَقَدْ شَرَحْتُ ذَلِكَ فِي يُونُسَ.

- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ}.

قَرَأَ حَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ وَحَفْصٌ عَنْ عَاصِمٍ «لِفْتِيَانِهِ».

وَقَرَأَ الْبَاقُونَ «لِفِتْيَتِهِ» وَهُمَا جَمْعَانِ جَمِيعًا غَيْرَ أَنَّ فِتْيَةً: جَمْعٌ قَلِيلٌ نَحْوَ الْغِلْمَةِ وَالصِّبْيَةِ، وَفِتْيَانُ: جَمْعٌ كَثِيرٌ مِثْلَ غِلْمَانٍ وَصِبْيَانٍ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الِاخْتِيَارُ: «وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ». لِأَنَّهُمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةٍ، وَالْجَمْعُ الْقَلِيلُ لِمَا بَيْنَ الثَّلَاثَةِ إِلَى الْعَشَرَةِ، أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَهُ تَعَالَى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ}. يَعْنِي مِنَ الْإِثْنَى عَشَرَ، ثُمَّ قَالَ: {فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ}. يَعْنِي فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ تَفْضِيلًا لَهَا، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الظُّلْمُ فِي غَيْرِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ.

فَإِنْ سَأَلَ سَائِلٌ: فَتًى «فَعَلٌ» مِثْلَ جَمَلٍ، وَفَعَلٌ لَا تُجْمَعُ عَلَى فِعْلَةٍ؟ فَالْجَوَابُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا وَافَقَ غِلْمَانًا فِي الْجَمْعِ الْكَثِيرِ وَفَّقُوا بَيْنَهُمَا فِي الْجَمْعِ الْقَلِيلِ، وَهَذَا حَسَنٌ جِدًّا فَاعْرَفْهُ.

- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ}.

قَرَأَ حَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ بِالْيَاءِ، أَيْ: يَكْتَالُ هُوَ: وَذَلِكَ أَنَّ كُلَّ رَجُلٍ يُعْطَى بَعِيرًا وَكَيْلَ بَعِيرٍ، وَالْبَعِيرُ هَاهُنَا: حِمَارٌ، كَذَا جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ} أَيْ: حِمْلُ حِمَارٍ وَالْبَعِيرُ: الْحِمَارُ، وَالْبَعِيرُ: الْجَمَلُ، وَالْبَعِيرُ: النَّاقَةُ، قَالَ أَعْرَابِيٌّ:

<<  <   >  >>