آياته، «ألم يروا إلى الطير مسخرات»، «أ {لم يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ» إِلَّا عَاصِمًا فَإِنَّهُ قرأ في النحل بالياء وفي العنكبوت بالتاء اختلف عنه.
- وقوله تعالى: {يتفيؤا ظِلَالُهُ}.
قَرَأَ أَبُو عَمْرٍو بِالتَّاءِ.
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْيَاءِ، فَمَنْ أَنَّثَ فَلِتَأْنِيثِ الظِّلَالِ، لِأَنَّهُ جَمْعُ ظِلٍّ، وَكُلُّ جَمْعٍ خَالَفَ الْآدَمِيِّينَ فَهُوَ مُؤَنَّثٌ تَقُولُ: هَذِهِ الْأَمْطَارُ وَهَذِهِ الْمَسَاجِدُ.
وَمَنْ ذَكَّرَ فَالظِّلَالُ، وَإِنْ كَانَ جَمْعًا، فَإِنَّ لَفْظَهُ لَفْظُ الْوَاحِدِ مِثْلَ جِدَارٍ، لِأَنَّ جَمْعَ التَّكْسِيرِ يُوَافِقُ الْوَاحِدِ.
فَإِنْ سَأَلَ سَائِلٌ فَقَالَ: إِنَّ أَبَا عمرو لا حجة عليه إذا أنث «تتفيأ ظِلَالُهُ» فَلِمَ لَمْ يُؤَنِّثْ كَمَا أَنَّثَ {أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ}.
فَالْجَوَابُ فِي ذَلِكَ: أَنَّ عَلَامَةَ التَّأْنِيثِ فِي «الظُّلُمَاتِ» حَاضِرَةٌ فَقَرَأَهَا بِالْيَاءِ، وَفِي الظِّلَالِ الْعَلَامَةُ مَعْدُومَةٌ فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا لِذَلِكَ.
- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ}.
روى حفص عن عاصم «نوحي إليهم».
روى حفص عن عاصم «نوحي إِلَيْهِمْ» بِالنُّونِ وَكَسْرِ الْحَاءِ، اللَّهُ تَعَالَى يُخْبِرُ عَنْ نَفْسِهِ.
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ: «يُوحَى» عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ.
وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ يُمِيلَانِ، لِأَنَّ الْأَلِفَ مُنْقَلِبَةٌ مِنْ يَاءٍ، الْأَصْلُ: «يُوحِي» فَانْقَلَبَتِ الْيَاءُ أَلِفًا.
وَالْبَاقُونَ يُفَخِّمُونَ عَلَى اللَّفْظِ، لِأَنَّ الْإِمَالَةَ إِنَّمَا وَجَبَتْ مِنْ أَجْلِ الْيَاءِ، فَإِذَا زَالَتْ صُورَتُهَا زَالَتِ الْإِمَالَةُ.
وَالْعَرَبُ تَقُولُ: وَحَيْتُ إِلَيْهِ وَأَوْحَيْتُ، وَوَحَيْتُ لَهُ، وَأَوْحَيْتُ لَهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
{بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا}.
- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّهُمْ مُفْرَطُونَ}.
بِفَتْحِ الرَّاءِ، جَعَلَهُمْ مَفْعُولَيْنِ، لِأَنَّهُ فِي التَّفْسِيرِ {وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ} أَيْ: مَنْسِيُّونَ، قال أَبُو عَمْرٍو: مُقَدَّمُونَ إِلَى النَّارِ.