للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من دينيكما، لأنَّا آمنا بأنبيائِكُما وكفرتما بنبيِّنا؛ لأنَّا صدَّقنا نبينا ونبيكم وكذبتم بنبينا، وحرَّفتم ما قَالَ نَبيكم في نبينا فصرِتم بذلك كافرين بهما. فذَلِكَ قَوْلُهُ: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا}.

وقولُه تَعَالى: {واَلبَادِ وَمَنْ يُرِدْ}.

قرأ ابنُ كثيرٍ «البادِيْ» بالياء، على أصلِ الكلمةِ، لأنَّك تَقُولُ: بدا يبدُو: إذا دَخَلَ البَادِيَةَ فهو بادٍ مثل الدَّاعِي والأصل البادِوُ، فصارت الواو ياءً لانكسار ما قبلها، فكان يثبتها وصلًا، ووقفًا.

وكان أبو عمرو ونافع يثبتان الياء وصلا، ويحذفانها وقفًا، ليكونا قد تبعًا الأصل تارةً، والمُصحف أخرى، وهو الاختيار.

وقرأ الباقون «البادِ» بغير ياءٍ ولهم ثلاثُ حِجَجٍ:

اتِّباع المُصحف.

والاجتزاء بالكسرةِ عَنْ الياءِ.

والحجَّةُ الثالثةُ: ما حدَّثني ابن مجاهد، عن السمري، عن الفراء أن العرب تقول:

مررت بباد، ومعتد، فيخزلون الياءَ لسكونها، وسكون التّنوين.

فإن أدخلوا الألفَ واللّام لم يردُّوا الياءَ، لأنَّهم بنوا المعرفةَ على النكرةِ، قَالَ سِيبويه: فإذا أضافوا فإن العرب كلّها ترد الياءَ. فيقولون مررت بقاضيك، ودَاعيك، فإذا اضطر الشَّاعِر حذف مع الإضافة، وأنشد:

كَنَواحِ رِيْشِ حَمَامَةٍ نَجْدِيَّةٍ ... ومَسَحْتَ باللَّثْتَيْنِ عَصْفَ الإِثْمِدِ

أي: «كنواحي ريش» فخزل.

وقولُه تعالى: {وليوفوا نذورهم} مشددا.

وقرأ الباقون مخففا، وهم لغتان، فمن شدّد فحجّته {وإبراهيم الَّذي وَفَّى} ومن خفف فحجته «أوفوا بِعَهْدِ الله» وفيه لغة ثالثة: وَفَى، تَقُول العرب: وَفَى زيدٌ يَفِي، وأَوفى يُوفي، ووَفَّى يُوَفّى. قَالَ الشَّاعِر - فجمع بين اللُّغتين:

أمَّا ابنُ عَوفٍ فَقَدْ أَوفَى بِذِمَّتِهِ ... كَمَا وَفَى بِقِلَاصِ النَّجْمَ حَادِيْهَا

والأمرُ من أَوفى: أوْفِ يا زيدُ: ومن وَفَّى: وَفِّ يا زيدُ، ومن وفى: فه لا بد من هاءٍ في الوَقْفِ وفي الكتابة، لأنَّ الكلمة لا تكون على حرف واحد.

<<  <   >  >>