للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تَعَالى: {فَتَخْطَفُهُ الطَّيرُ}.

قرأ نافعٌ «فتخطَّفُهُ الطَّيرُ».

أراد فاختطفه، لأنه نقل فتحة التاءِ إلى الخَاءِ. وأَدغمَ التَّاء في الطَّاءِ فالتَّشديد من خَللِ ذلك.

وقرأ الباقون «فتخطفه الطير» «مخففا، وهو الاختيار، لقوله تَعَالى: {إلَّا مَنْ خَطِفَ الخَطْفَةَ}. ولم يَقْلْ اختَطَفَ.

وقد وافقَ نافعٌ الجميعَ على التَّخفيف في قوله: {يكًادُ البَرْقُ يَخْطَفُ}. والقرآن يَشهد بعضُه لِبَعضِ، وإنْ كانت اللُّغتان فَصيحتين، تقولُ العَرَبُ: خَطَفَ يَخْطَفُ، واخْتَطَفَ يََخْتَطِفُ، واستَلَبَ يَسْتَلِبُ، وامتَلَعَ يَمْتَلِعُ بمعنًى.

وقولُه تَعَالى: {جَعَلنَاْ مَنْسَكًا}.

قرأ حمزةُ والكِسَائِيُّ بكسرِ السِّيْنِ.

والباقُون بالفتح.

وهما لُغتان، المَنْسَكُ والمَنسِكُ - وهما المكان المُعتاد المألوف يقصده النَّاس وقتًا بعدَ وقتٍ، وَقَالَ آخرون: النَّسيكة الذَّبيحة، يقال: نَسكتُ الشَّاة ذبحتها، فكأنَّ المَذْبَحَ الموضعُ الذي يُذبحُ فيه، وهو الاختيار في كلّ ما كان على فَعَلَ يَفْعَلُ مثل قَتَلَ يَقْتُلُ أن يجيءَ المصدَرُ واسمُ المَكان على مَفْعَل مثل المَقْتَل، ولا يقال إلَّا في أحرفٍ جئْنَ نَوَادِرَ وهي المَسْجِدُ والمَنْسِكُ والمَجْزِرُ. وقد ذكرتُ علة ذَلِكَ في سورة الكهف فأغنى عن الإعادة هاهنا.

قولُه تَعَالى: {لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ}.

قرأ ابنُ كثيرٍ ونافعٍ «لَهُدِّمَتْ» خَفِيْفًا.

وقرأ الباقون مشدّدًا، وهما لُغتان، وغير أن التَّشديد للتّكثير. هدّمتُ شيئًا بعد شيء مثل ذبحت، قال الحسن: تهديما: فهذا شاهدٌ لمن شدَّد.

فإن قيلَ لك: كيفَ تهدم الصلوات؟

ففي ذَلِكَ جوابان:

أحدهما: أن تهدم موضع الصلاة وهي المساجد، فإن هدموا موضعَ الصَّلوات فقد هَدَمُوا الصَّلاةَ وأبطلوها.

<<  <   >  >>