للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقولُه تَعَالى: {أَنْزِلْني مُنْزَلًا مُّبَارَكًا}.

قرأ عاصمٌ ونافع في روايةِ أبي بَكْر «مَنْزلًا» جعله اسمًا للمكان ومصدرٌ ثلاثيٌّ.

وقرأ الباقون مُنزلًا لأنَّه مصدر، أنزلت، إنزالًا، ومنزلًا مثل «أَدْخِلْني مُدْخَلَ صِدْقٍ» وإدخال صِدْقٍ «وأنتَ خيرُ المُنْزِلِينَ» فلو قرأ قارئٌ وأَنْتَ خيرُ المُنَزِّلِينَ لكان صَوابًا عَلَى تقدير وأنت خيرُ المُنَزِّلين بِهِ، كَمَا تَقُولُ أنزلتُ حوائجي بك.

وقولُه تَعَالى: {مِنْ كلِّ زَوجَيْنِ اثْنَينِ}.

روى حفصٌ، عَنْ عاصمٍ «مِنْ كلِّ زَوْجَيْنِ» مُنونًا عَلَى تقدير: اسلك فيها زوجين اثنين من كلٍّ أي: من كل جِنْسٍ، ومن كل الحَيَوَانِ، كَمَا قَالَ تَعَالى: {وَلِكُلٍّ وُجْهَةٌ} أي:

«ولكل إنسانٍ قبلةٌ هو موليها»، لأنَّ «كلٍّ» و «بعضًا» يقتضيان مضافًا إليهما.

وقرأ الباقون «مِنْ كلِّ زَوجِينِ» مضافا.

وقوله تعالى: {رسلنا تترا}.

قرأ ابنُ كثيرٍ وَأَبُو عَمرو «تترًى» منونًا. والوقف على قراءتهما بالألف. قَالَ ابنُ مجاهد: ومن نوَّن لم يقف إلا بألفٍ.

قَالَ أَبُو عَبْدِ الله: قد يَجوزُ أن يقفَ بالألِف وهو الاختيار كَمَا قَالَ، إذا جعل الألف عوضًا من التنوين، كَمَا تَقُول: رَأَيْت عمرًا تقف عمرا غير ممالٍ ولا يجوز عمري.

ومن جعل الألف للإلحاق نحو أرطى ومعزى يجوز له أن يقف بالإمالة.

و«تترى» يكون فَعْلَى مثل: سكرى، ويكون فعلى مثل: أرطى. ويكون فَعْلًا مثل:

عَمْرًا، وهو الاختيار، لأنَّه مصدر وَتَرَ، يَتِرُ، وَتْرًا، ثُمَّ قُلب من الواوِ تاءً فقيل: تَتْرا كَمَا قِيلَ تُراث، ووارث.

وقرأ الباقون «تَتْرَى» عَلَى وزن سَكْرى غير منون، فعلى قراءة هَؤُلَاءِ يجوز الوقف بالتّفخيم، وبالِإمالة ألفًا وياءً.

ومَنْ نَوَّن فله حجّةٌ أخرى أن المصحفَ كُتب فيه بالألف.

وأجاز سيبويه تعلمت علمي، ورأيت زيدًا بالِإمالة من أجلِ الكسرة والياء. ولا يجوزُ رَأَيْت عَمْرَا، لأنَّها لا كسرةَ هناك ولا ياءَ فأفخم.

وقولُه تَعَالى: {زُبُرًا كلُّ حِزْبٍ}. قرأ ابنُ عامرٍ وحده «زَبْرًًا» جمع زَبْرَةٍ، وهي القِطعة من الحَديد وغيره. وقرأ الباقون زُبُرًا. وقد ذكرت علته في النساء.

<<  <   >  >>