للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَلَا الظِّلَّ مِنْ بَرْدِ الضُّحَى تَسْتَطِيعُهُ ... وَلَاْ الفيء مِنْ بَرْدِ العَشِيِّ تَذُوقُ

والظِّلُّ: السِتْرُ: يُقال: أَنَا فِي ظِلِّكَ أي: فِي سِتْرِكَ، وكذلك ظلِّ الجنة، وظلّ الشجرة، وَيُقَال فِي الدُّعاء: «اللهم ظَلِّلْنَا يوم لا ظلَّ إلا ظِلُّكَ» فظِلُّ اللِّيْلِ سوادُهُ، لأنَّه يَستُرُ كلَّ شيءٍ. والعربُ تَقُولُ: فلانٌ خفيفٌ الظِلِّ، أي: خَفيفُ الرُّوحِ مقبولٌ كَيِّسٌ، وتقولُ العربُ فِي شدَّةِ قِصَرِ اللَّيلِ واليَوْمِ: هُوَ «أقصر من ظِلِّ التَلَحَ» «وسالفة الذُّباب» والتَّلَحُ؛ لا ظلَّ لَهُ. وسالفه العُنُق: صفحتاه، والسَّالفةُ لا تكونُ للذُّباب، و «هُوَ أقصرُ من إبْهَامِ القَطَاةِ»؛ لأنَّ القَطاةَ لا إبهام لها، ويُنْشَدُ:

وَيَوْمٍ كإبْهَامِ القَطَاةِ مُزَيَّنٌ ... إِلَيَّ صَبَاه غالبٌ لِيَ بَاطِلُهْ

وقولُه تَعَالى: {وأَنِ اعْبُدُوْنِيْ}.

قرأ حمزةُ وعاصمٌ وأبو عَمْرٍو بكسر النُّون لالتقاء الساكنين.

وقرأ الباقون بالضَمِّ، وإنَّما ضَمُّوا كَراهِيَةَ أن يَخرجوا من كسرٍ إلى ضمٍّ، ولم يَختلف القُراء فِي إثبات الياءِ فِي: «وَأَنُ اعْبُدُونِي هَذَا» وصلَا ووقفًا؛ لأنَّه ثابتٌ فِي المُصحف. والصِّراطُ‍ المستقيم: هُوَ الدِّين المُستقيم، والطَّريقُ الواضحُ والمِنهاجُ البَيِّنُ.

قَالَ الشَّاعُر - هُوَ جريرٌ -:

أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنِ عَلَى صِرَاطٍ‍ ... إِذَا اعْوَجَّ المَوَارِدُ مُسْتَقِيْمِ

وسُئِلَ ابنُ مسعودٍ عنْ الصِّراطِ‍ المُستَقْيمِ، فَقَالَ: يا ابْنُ آخي أُدن مِنّى، تركنا رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأدناه، وطرفُهُ فِي الجَنَّة، وعن يمَينه جَوَادٌّ، وعن يساره جَوَادٌ عليها رجالٌ يدعون مَنْ مَرَّ بِهِمْ: هَلُمَّ إلى الطريق، فمَن أَخَذَ معهم وردوا بِهِ النَّارَ، ومن لَزِمَ الطَّرِيْقَ الأعظمَ والمِنهاج الوَاضِحَ وردَ بِهِ الجَنَّةَ، هُوَ كتابُ اللهِ.

وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: اليمينُ والشّمالُ مضلّة، والطَّريق عليها منهجُ كتاب اللَّه، ومنها منفذ السُّنة وإليها مَصيرُ العاقبة. هَذَا اختيارُ المُبَرِّدُ فيما أجاز لي أَبُو العباس بن رَزِيْن الكاتِبَ عَنْهُ.

وقولُه تَعَالى: {وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيْرًا}.

قرأ أَبُو عَمْرٍو وابنُ عامرٍ: «جُبْلًا» بضم الجيم وإسكان الباء، قَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ:

مَنَايًا يُقَرِّبْنَ الحُتُوْفَ لِأَهْلِهَا ... جِهَارًا وَيَسْتَمْتِعْنَ بِالأَنِسِ الجَبِلِ

وقرأ ابنُ كَثْيرٍ وحمزةُ والكِسَائِيُّ بِضَمِّ الباءِ والجِيْمِ مُخفَّفًا.

<<  <   >  >>