بالتقاء الساكنين لفظًا، فأسقطت خطًأ.
وفيها قراءةٌ رابعةٌ: «الجَوَارُ» بالرَّفعِ. يروى عنْ ابنِ مسعودٍ، كأنَّه أراد الجوائر فقلت كما قيل جُرُفٍ هارٍ وسلاح شاكٍ والأصل: هائر شاكٍ و «إلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الجَحِيْمَ» والأصل صائل.
وفيها قراءةٌ خامسةٌ: وروى عنْ الكِسَائِيِّ «الجوار» بالِإمالة لكسرِ الراءِ، لأنَّ كلَّ راءٍ مكسورةٍ قبلها ألفٌ. فالعربُ تميلها، نحو قِنطار وجوار وأبرار، ونحو ذَلِكَ.
وقولُه تَعَالى: {وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ}.
قرأ نافعٌ وابنُ عامرٍ: «وَيََعْلَمُ» بالرَّفْعِ عَلَى الاستئناف، لأنَّ الشَّرْطَ والجزاءَ قد تَمَّ فجازَ الابتداءُ بعده.
وقرأ الباقون: «وَيَعْلَمَ الَّذِيِْنَ» بفتح الميم.
فَقَالَ الكوفُّيون: وهو نصبٌ عَلَى الصرفِ من مجزومٍ إلى منصوبٍ كما قَالَ اللَّه تَعَالى: {وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} واحتَجُّوا بقولِ الشَّاعرِ:
فإِنْ يَهْلَكْ أَبو قابوسِ يَهْلَكْ ... رَبِيْعُ النَّاسِ والبَلدُ الحَرَامُ
ونُمْسِكْ بَعْدَهُ بِذِنَابِ عَيْشٍ ... أَجَبِّ الظَّهرِ لَيْسَ لَهُ سَنَامُ
وقال أهل البصرة: يَنتصب بإِضمارِ «إن» معناه: وأن يعلم الذين يجادلون في آياتنا ما لهم مِنْ مَحِيْصٍ، أي: من مَعْدَلٍ ومَنجى ومَلْجَأٍ، وينشد:
فَلَوْلَا رِجَالٌ مِنْ رِزَامٍ أَعِزَّةٌ ... وآلُ سًبَيْعٍ أَوْ أَسُوْءَكَ عَلْقَمَا
أراد: أن أَسُوْءَكَ، وقال آخر:
ولِبْسُ عَبَاءَةٍ وَتَقَرَّ عَيْنِيْ ... أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ لِبْسِ الشُّفُوْفِ
أراد: أن تَقَرَّ عَيْنِيْ.
وقولُه تَعَالى: {وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ}.
قرأ حمزةُ والكِسَائِيُّ: «كَبِيْرُ الِإثْمِ» عَلَى التوَّحيدِ، وفَسَّرَهُ الشِّركِ فقط.
وقرأ الباقون: «كَبائِرَ» عَلَى الجَمع. وكذلك ألفاظ الحَديث كلُّ ذَلِكَ وَرَدَ بالجَمْعِ.
واختلفَ النَّاسُ فِي الكبائر، فَقَالَ قومٌ: كلما أوعدَ اللَّه عَلَيْهِ النَّار فهي كبيرةٌ.
وقال آخرون: كلما نهى اللَّه عَنْهُ فهي كبيرةٌ.
وقال آخرون: كبائرُ الِإثم أشياءٌ مخصوصةٌ؛ الشِّركُ بالله تَعَالى، وقتلُ النَّفسِ التي حرَّمَ