للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اللَّه، وقذفُ المُحْصَنَةُ، وشربُ الخَمْرِ، والفِرَارُ من الزَّحْفِ، وعُقُوْقُ الوَالِدَيْنِ، والزِّنَا.

قَالَ ابنُ عَبَّاسِ: الكبائرُ لأنَّ تكونَ سبعين أَحرى من أن تَكونَ سبعةً.

وقال آخرون: الكبائر من أول النساء إلى قولُه: {إِن تَجْتَنِبُوا كَبَآئِرَ مَا تنهون عنه} فإذا كانت المعاصي كبائر وصغائر وجب فِي القياس أن يكون للطَّاعات كبائر وصغائر، وأكبر الطاعات شهادةُ أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك لَهُ، كما كان أكبر الكبائر الشرك بالله، وأصغر الطَّاعات إماطة الَأذى عنْ الطَّريق، كما أن أصغر الذنوب الطَّرفة واللَّمحة. سمعتُ أبا عِمْرَان القاضي يَقُولُ: أعظم من الشّرك بالله إدعاء الرُّبوبية، كقولة فرعون - لعنه اللَّه -: {أَنَا رَبُّكُمُ الَأعْلَى}.

وقال إِسْمَاعِيل القاضي: قَالَ ابْنُ المَاجِشُون: كبائر الذُّنوب الجُراحات، والشِّرك، والقَتل، وقال: صغائر الذنوب إذا اجتمعت كانت كبيرةً، وأَنشد:

وَسَيِّئآتِ المَرْءِ إنْ جُمِعَتْ ... صِغَارُها حلَّت محلَّ الكَبَارِ

وقال آخر:

قَدْ يَلْحق الصَّغير بالجَلِيْلِ ... وإنّما القَرْمُ مِن الأفيل

وسُحْق النَّخْلِ من الفَسِيْلِ

الأفيل: يَعني وَلَدَ النَّاقةِ. وكان يُقال: إياكم والمُحَقَّرات فإن لها من اللَّه طالبا.

وقال ابنُ عَوْنٍ، عنْ الْحَسَن: قدم عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن العاص من مِصر عَلَى عُمر رحمةُ اللَّه عَلَيْهِ فِي ناس فلما دَخَلَ المدينة، قَالَ: تفرَّقوا فِي الطُّرق، فإني لا أدري ما تُرْمَوْنَ بِهِ من عُمَر، ثُمَّ دخل عَلَيْهِ، فَقَالَ: إن ناسًا زعموا أنهم يرون فِي القرآن شيئًا أمر أن يعمل بها فأرادوا أن يذكروا ذَلِكَ لَكَ، قَالَ: فأين هُم؟ أجمعهم. فأَتى بهم، فأخذ عُمر أدناهم إِلَيْه، فَقَالَ: أنشدك بالله هَلْ قرأتَ القُرآن؟ قَالَ: نَعم، قَالَ: أجمعته، قَالَ:

نَعم، قَالَ: فأقمته فِي نَفسك وفي بَصرك، قَالَ: لا. فأخذَ الَّذِي يليه حَتَّى استقرأهم كذلك، فيقولون: لا، قَالَ: ثَكِلَتْ عُمَرُ أمَّه تكلفونه أن يقيم أمرَ اللَّه فِي أُمَّة مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ تَلا: {إِن تَجْتَنِبُوا كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} فقد عَلِمَ اللَّه تَعَالى أن سيكون لي سيئات هَلْ علم بكم أحد؟ قالوا: لَا، قَالَ: والذي نَفسي بيده لو عَلِمَ بكم أحدٌ لوعظتكم.

واختلف النَّاسُ فِي الكبائر، فَقَالَ قوم: كلُّ من أرتكبٍ كبيرةً فهو فِي النار خالدًا

<<  <   >  >>