للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال آخرون: الشَّربُ: الاسمُ، والشُّرب: المَصدرُ، والشَّرب أيضًا بالفتح: جمعُ شاربٍ مثل تاجرٍ وتَجرٍ، واحتج مَن فَتَحَ بالخبرِ: «إنَّها أيامٌ أكلٍ وشَرْبٍ وبِعَال» يعني أيَّامَ التَّشريق. والبَّعالُ: المُجامعة. هكذا يُروى هَذَا الحرفُ بالفتحِ. وقال مَنْ ضَمّ: إنْ منادي رَسُولِ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نادى إن رَسُولَ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، يَقُولُ: «إنها أيامُ أكلٍ وشرب ولعب» قَالُوا: فاللَّفظُ‍ لرسولِ رَسُولِ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وليست اللفظ‍ للنَّبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيكون حجَّةً.

سمعتُ ابنَ مجاهدٍ يَقُولُ: قَالَ ابنُ جُريجٍ: قلتُ لجعفر بْن مُحَمَّد أنّ يَحيى بْن سعيدٍ الُأموي يقرأ: «شَرْبَ الهِيمِ» فَقَالَ: قَدْ أحَسَنَ، أَوْ ما بلغلك أنَّ رَسُولَ اللَّه بعث بُدَيْلَ بْن وَرْقَاءَ الخُزَاعِيَّ فَنادى: «إنَّها أيَّامُ أَكْلٍ وشَرْبٍ وبِعَالٍ».

وفي غيرِ هَذَا الحَديث أنَّ عليًا هُوَ الَّذِي نادى بأمرِ رَسُولِ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فإذا كانَ هكذا فالاختيارُ الفَتح؛ لأنَّ لفظَ‍ عليٍّ - كرّم اللَّه وَجْهَهُ - حُجَّةٌ، والشِّرْبُ بالكسرِ: النَّصِيْبُ {لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ}.

وسَمِعْتُ أبا عُمَر، يَقُولُ: عنْ ثَعلب، عنْ ابْنُ الَأعرابي: شَربَ زَيْدٌ يَشْرَبُ إذا فَهِمَ، وَيُقَال: اِحلب ثُمَّ اشرب، أي: اكتُب ثُمَّ افهم ومعنى «شُرْبَ الهِيْمِ» جمعُ جَمَلٍ أَهْيَمٍ، وناقةٌ هِيْمَاءَ والجمع هِيم، وهي العِطاش مثل أَبيض، وبَيضاء، والجمعُ بيضٌ.

وحدَّثني ابن مجاهد، عن السمري، عن الفراء، قال: الهِيْمُ: السِّهْلَةُ من الرَّمْلِ بكسرِ السّين، وذَلِكَ أنَّها تَشْرَبُ الماءَ كلَّه.

وقولُه تَعَالى: {هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ}.

قرأ أَبُو عَمْرٍو فِي رواية الْعَبَّاس: «هَذَا نُزْلُهُمْ» بجزم الزَّاي، والنُّزُلُ، والنُّزْلُ كالرُّعْبُ، والرُّعْبُ، والسَّحُقُ، والسُّحْقُ وجمعه إنزال، وَيُقَالُ مكانٌ نُزُلٌ: إذا وَقَعَ عَلَيْهِ المَطَرُ سال سريعًا لانحداره. ورجلٌ نُزُلٌ: إذا كَانَ خفيفًا أحمقَ. ويُقال: رَجُلٌ نُزُلٌ أيضًا: إذا كانت الضِّيفان تَنْزِلُ بِهِ، وهذا طعامٌ لَهُ نَزَلٌ بالفتح أي: لَهُ رَيْعٌ ونَماءٌ، و «يَومَ الدِّيْنِ» يعني: يومَ الجَزَاءِ والحِسَابِ، وذلك أن الضَّيفَ إذا نَزَلَ بالرَّجُلِ الكريمِ فما يُطعمه فهو نُزُلُهُ. فَجَعَلَ اللَّه تَعَالى نُزلَ الكافر يوم الحساب. جزاء ظلًّا من يَحموم وسمومًا، وحميمًا لا باردًا ولا كريما. ومن كان نزله ها فلا نُزُلَ لَهُ.

<<  <   >  >>