للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقرأ الباقون مخففًا؛ لأنَّ العرب تَقُولُ: مررت بكباش مَذبوحة ومذبَّحة، وَقَدْ قَالَ اللَّه تَعَالى: {فِيْ رِقٍّ مَنْشُوْرِ}.

خففها نافعٌ وحفصٌ وابنُ ذكوان.

وقولُه تَعَالى: {سُعِّرَتْ}.

خففها أهلُ الكوفة وابنُ كثيرٍ وأبو عَمْرو.

وشدّدها الباقون.

والتَّشديد والتخفيف عَلَى ما قَدْ بيَّنت لَكَ حجتهما فيما قبله، والسَّعيرُ: وقودُ النارِ، فأمَّا قولُه: {زِدْنَاهُمْ سَعِيْرًا} فقيل: جُنُونًا، وقيل: وَقودًا، يُقال: ناقةٌ مسعورةٌ: إِذَا كَانَ بها كالجُنُونِ من النَّشاط‍.

وقولُه تَعَالى: {وإذا النُّفوسُ زُوِّجَتْ} أي: قرنت بنظيرها، وقيل: بشياطينها.

{وإذا الموؤدة سُئِلَتْ}: هِيَ البِنت التي كَانَ بعض العَربِ يَئِدُها أي: يَدْفِنُها وهي حيَّةٌ خشيةَ العار عَلَيْها.

{بأيّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} مُخفَّفًا جماعٌ إلا أبا جَعْفَر المَدَنِيّ فإنه ثَقَّله ومعنى سُئِلَتْ أي:

طُلب قتلها.

وقرأ عشرة من الصَّحابة والتابعين أحدهم ابن عباس: «وإذا الموؤودة سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ» وكان عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود إِذَا قَرأ هَذِهِ السُّورة فَبَلَغَ «عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ» قَالَ: وانْقِطَاعُ ظَهْرَاهُ، وكان ابنُ مجاهدٍ إِذَا قَرأها فِيْ الصَّلاةِ قرأها بَنَفَسٍ واحدٍ من أولها ووقف «عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ».

وقولُه تَعَالى: {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ}.

قَرَأَ ابنُ كثيرٍ وأبو عَمْرو والكِسَائِيُّ: «بَظَنِيْنٍ» بالظاء أي: بمتَّهمٍ يُقال: بئرٌ ظَنِيْنٌ:

إِذَا كَانَ لا يُوثَقُ بِهَا.

قَرَأَ الباقون: «بضَنِين» بالضَّاد أي: ببخيلٍ أي: ليس ببخيل بالوحي بما أنزل اللَّه من القرآن فلا يكتمه أحدًا، تَقُولُ العربُ: ضننت بالشَّيء أضنّ بِهِ: إِذَا بخلت بِهِ، ويُنشد:

مَهْلًا أَعَاْذِلُ قَدْ جَرَّبْتِ مِنْ خُلُقِيْ ... إِنّي أَجُوْدُ لَأَقْوَامٍ وإنْ ضَنَنُوا

والغَيْبُ فِيْ القرآن أشياءَ: فقوله: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} بما غابَ عَنْهُمْ مما

<<  <   >  >>