وغشيته سحب الخرافة (١)، يُحكِّمُ الهوى ويُسَمِّيه العقلَ، ويعدل عن النص، وهل العقل إلا في النص؟! ويستمسك بالضعيف، ويبعد عن الصحيح، ويقال لهم أيضًا:(أهل الشبهات)، و (أهل الأهواء)، ولذا كان ابن المبارك رحمه الله تعالى يسمى المبتدعة:(الأصاغر)(٢).
وقال الذهبي رحمه الله تعالى:"إذا رأيت المتكلم المبتدع يقول: دعنا من الكتاب والأحاديث وهاتِ (العقل)، فاعلم أنه أبو جهل (٣)،
(١) قوله: "وغشيته سحب الخرافة"، الخرافة هي الكلام المتخيل غير الواقع، ومنه الأدلة غير الصحيحة، ويقولون أن منشأ الخرافة رجل بهذا الاسم، كان يحدث أن الجن أخذوه، ووقع بينه وبينهم ما وقع من حوادث ووقائع، فكان يروي أحوالهم ووقائعهم، فسمي كل كلام غير مقبول بهذا الاسم، يقال: حديث خرافة.
(٢) قوله: "يحكم الهوى … "، يعني يُقدِّم ما ترغبُه نفسه، أو ما يراه بعقله، ويُسمي هذا الهوى الذي في قلبه العقل، وهو ليس من العقل في شيء، ويعدل عن النص، والعقلُ في النص، من جاء بكلام يقول بأنه مقتضى العقل يخالف النص، فإن كلامه جهل وليس بعقل، ولذلك صاحب الهوى إذا ورد عليه الدليل الضعيف الذي يوافق هواه أخذ به، وإذا ورد عليه الدليل القوي الذي يخالف هواه تركه وأوَّله وحرَّفه، وهؤلاء يقال لهم أهل الشبهات؛ لأن الشياطين ألقوا في قلوبهم شبهات ظنوها معقولات، فجعلتهم يتركون النصوص من أجلها، وأهل السنة يسمّون هؤلاء: أهل الأهواء؛ لأنهم يقدمون هواهم على مدلول النصوص، ولذلك كان ابن المبارك يُسمِّيهم (الأصاغر).
(٣) قوله: "وقال الذهبي: إذا رأيت المتكلم المبتدع يقول: دعنا من الكتاب والأحاديث … "، ذكر أن الناس منهم من يقول: الحجة في المطالب العقدية العقل،=