احذر (أبا الجهل) المبتدع (١)، الذي مَسَّهُ زيغ العقيدة (٢)،
= الأمر الخامس: أن ارتباطك بالمبتدع ودراستك عليه يجعل الناس ينسبونك إلى تلك البدعة التي عند هذا المعلِّم، صحيح أنت لم تدرس عنده إلا هذا العلم، لكن الناس شاهدوك عنده، وشاهدوك تتعلم منه، فحينئذ قد ينفرون منك؛ لأنهم يظنون أن البدعة التي عند الشيخ انتقلت إليك.
والبدعة أخف من الشرك، فإذا كان هذا التحذير من المبتدع، فالتحذير من أهل الشرك من باب أولى، فإذا وُجِد من يعرف النحو لكنه يصرف العبادة لغير الله، ويذهب إلى الولي فيدعوه من دون الله فهذا أولى بالهرب منه، ولا يصح أن يُجْعَل له مكانة ومنزلة.
والبدعة هي الطريقة المخترعة في الدين بأن ينسب إلى الدين ما ليس منه، وقد تكون البدعة في المعتقد وهي أشد، وقد تكون في العمل ..
(١) فقوله: "احذر أبا الجهل المبتدع" لأن المبتدع إنما نشأ ابتداعه من أمور من الجهالات؛ إما بتأخير النصوص وعدم تحكيمها، أو لكونه يتحكم في الأخذ من النصوص بما يراه، فهو ينتقي من النصوص ما يوافق بدعته، ولا يجعل اعتقاده تابعًا للنص، ثم هو أيضا ثالثًا يحرِّف دلالات النصوص لتتوافق مع بدعته، وهذا كله جهل؛ إما جهل بسيط أو جهل مركب، والجهل البسيط ألا يكون لديك معلومة لا بإثبات ولا بنفي، فعندما أسألك: هل زيد خلف الجدار؟ تقول: لا أعلم، هذا جهل بسيط، والجهل المركب أن يكون علمك مخالفًا للواقع، كما لو قلت: زيد خلف الجدار؟ فقال: نعم خلف الجدار، وهو ليس كذلك، هذا جهل مركب. والمبتدعة لا يخلون من أحد هذين الجهلين.
(٢) فقوله: "مسه زيغ العقيدة" الزيغ هو الميلان، قال تعالى: ﴿فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ﴾ [آل عمران: ٧].