للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الأمر الثالث: أن العلوم يرتبط بعضها ببعض، والمسائل يرتبط بعضها ببعض، فعندما تأتي للمبتدع قد لا يثير عندك البدعة، لكنه يتحدث في أثر من آثارها، وبالتالي تظن انقطاع الصلة بين هذه المسألة ومسألة البدعة، بينما في حقيقة الأمر بينهما ترابط، أضرب لهذا مثلًا: في أصول الفقه عندما يأتيك ويبحث لك مسألة: هل الأمر بالشيء نهي عن ضده؟ فيأتيك المعتزلي ويقول: الأمر بالشيء ليس نهيًا عن ضده. ولا يذكر منشأ مخالفته، وهو أنهم يقولون بأن الأمر تشترط له الإرادة - يعني الإرادة الكونية - بناءً على مذهبهم في القدر بنفي خلق الله لأفعال العباد، ويأتيك الأشعري في هذه المسألة ويقول: الأمر بالشيء نهي عن ضده من جهة اللفظ بناءً على بدعتهم في قولهم: الكلام هو المعاني النفسية بينما مذهب أهل السنة والجماعة: أن الأمر بالشيء نهي عن ضده من طريق المعنى وليس من طريق اللفظ، فعندما تذهب إلى العالم المبتدع فتدرس عليه هذه المسألة لا يشير إلى الأساس العقدي لها، فمن ثم سينطلي عليك الباطل في هذه المسألة.

هكذا أيضًا في مبحث النحو، هناك مسائل نحوية لها علاقة بمباحث عقدية، فعندما تأتي إلى نحوي مبتدع قد يأتيك بأثر البدعة، وتنطلي عليك، ولا يذكر لك أساس البدعة، ومن هنا لا تربط بين الأساس والأثر، والنحو فيه مسائل كثيرة مبنية على أمور عقدية، مثال ذلك: يقول القائل: حرف (لن) يدل على النفي المؤبد، ويكرر لك هذا الأمر، ويمثل يقوله تعالى: مثلًا: ﴿وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾ [البقرة: ١٢٠]، ويقول: هذا للنفي المؤبد، فتنطلي عليك وتستقر في نفسك، حتى إذا جاءك قول الله تعالى: ﴿لَنْ تَرَانِي﴾ [الأعراف: ١٤٣]، نفيت الرؤية في الدنيا والآخرة، من أين نشأ هذا القول الفاسد بنفي رؤية المؤمنين الله في الآخرة؟ نشأ هذا القول من استقرار هذه المعلومة في ذهنك: (أن لن للنفي (المؤبد) التي أخذتها من هذا المبتدع.

الأمر الرابع: أن في أخذ الناس عن المبتدع رفعًا لشأنه عندهم، ومن ثم يقبل الناس عليه فيأخذون ما لديه من غث وثمين، صحيح أنت لم تدرس عنده إلا النحو، لكنك بدراستك عنده وضعت له مكانة، فأقبل الناس عليه، فدَرَسُوا المعتقد والأصول والفقه والنحو عنده، وحينئذٍ تكون سببًا في ضلال غيرك لأخذه من هذا المبتدع. =

<<  <   >  >>