للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال أيضًا رحمه الله تعالى: "وقرأت بخط الشيخ الموفق قال: سمعنا درسه - أي ابن أبي عصرون - مع أخي أبي عمر وانقطعنا، فسمعت أخي يقول: دخلت عليه بعد فقال: لِمَ انقطعتم عني؟ قلت: إن أناسًا يقولون: إنك أشعري، فقال والله ما أنا أشعري. هذا معنى الحكاية" (١) [١].

وعن مالك رحمه الله تعالى قال: "لا يؤخذ العلم عن أربعة: سفيه يعلن السفه وإن كان أروى الناس، وصاحب بدعة يدعو إلى هواه، ومن يكذب في حديث الناس، وإن كنت لا أتهمه في الحديث، وصالح عابد فاضل إذا كان لا يحفظ ما يحدث به" (٢) [٢].

(١) قوله: "وقال أيضًا: وقرأت بخط الشيخ الموفق .. " ذكر المؤلف حادثة الموفق مع أخيه أبي عمر والد صاحب الشرح الكبير، وذكر أنهم قابلوا شيخهم بعد انقطاع، فقال لهم: لِمَ انقطعتم عني؟ قالوا: قد قيل إنك أشعري، فلما قيل لهم إنه أشعري تركوه ودرسه.

(٢) قوله: "وعن مالك رحمه الله تعالى قال: .. "، الإمام مالك يقول: أربعة لا يؤخذ العلم عنهم: أولهم: سفيه، وهو الذي يتصرف بتصرفات غير محسوبة النتائج، ولا يفكر في عواقب تصرفاته، وإن كان أروى الناس. وكذلك لا يؤخذ العلم عن صاحب بدعة يدعو إلى هواه؛ إذ قد يلتصق بنفسك ما عنده من بدعة. وكذلك لا يؤخذ العلم من الكذاب الذي يكذب في حديث الناس، وإن كان لا يكذب في الحديث النبوي أو في العلم، لأن من تجرأ على الكذب على الناس فإنه قد يتجرأ على الكذب في الأحكام الشرعية. وكذلك من كان سيء الحفظ فإنه لا يؤخذ منه، ولو كان عابدًا فاضلًا صالحًا.


[١] سير أعلام النبلاء ٢١/ ١٢٩.
[٢] سير أعلام النبلاء ٨/ ٦٧.

<<  <   >  >>