فيا أيها الطالب إذا كنت في السعة والاختيار؛ فلا تأخذ عن مبتدع: رافضي، أو خارجي، أو مرجئ، أو قدري، أو قُبُوري .. وهكذا، فإنك لن تبلغ مبلغ الرجال - صحيح العقد في الدين متين الاتصال بالله، صحيح النظر، تقفو الأثر - إلا بهجر المبتدعة وبدعهم (١).
وكتب السير والاعتصام بالسنة حافلة بإجهاز أهل السنة على البدعة، ومنابذة المبتدعة، والابتعاد عنهم، كما يبتعد السليم عن الأجرب المريض، ولهم قصص وواقعات يطول شرحها، لكن يطيب لي الإشارة إلى رؤوس المقيدات فيها.
فقد كان السلف رحمهم الله تعالى يحتسبون الاستخفاف بهم، وتحقيرهم ورفض المبتدع، وبدعته، ويحذرون من مخالطتهم، ومشاورتهم، ومؤاكلتهم، فلا تتوارى نار سني ومبتدع.
وكان من السلف من لا يصلي على جنازة مبتدع، فينصرف، وقد شوهد من العلامة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله تعالى (م سنة ١٣٨٩ هـ) انصرافه عن الصلاة على مبتدع (٢).
(١) قوله: "فيا أيها الطالب .. ". قال المؤلف: طلبة العلم على صنفين:
الصنف الأول: من كان يختار مشايخه فهذا يُوصَى بأن لا يأخذ العلم عن مبتدع، واستند المؤلف في هذا إلى كلام الأئمة في التحذير من المبتدعة، والتحذير من الاقتراب منهم، والتوجيه بمنابذتهم، والابتعاد عنهم، وكان السلف يحتسبون تحقير أهل البدع، ويحذرون من مخالطتهم ومؤاكلتهم.
(٢) قوله: "وكان من السلف من لا يصلي على جنازة مبتدع"، ذكر أن الشيخ محمد بن إبراهيم ترك الصلاة على مبتدع، والصلاة على أصحاب الكبائر والذنوب والبدع يُشْرَع =