للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن ابن عمر أن رسول الله قال: (إنما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المعقلة إن عاهد عليها أمسكها، وإن أطلقها ذهبت) [١].

رواه الشيخان، ومالك في "الموطأ" (١).

= وهكذا يتعاهد ما يحفظه من فنون أهل العلم ومتونهم، فإنك إذا لم تتعاهد هذه المحفوظات فإنها ستذهب، فإذا كان القرآن مع عظمته ومع كونه ميسِّرًا للذكر، كما قال - جل وعلا -: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ [القمر: ١٧، ٢٢، ٣٢، ٤٠]، إلا أنه مع ذلك إذا لم يتعاهده المرء فإنه يفوت ويُنْسى، فإن الله - جل وعلا - يغار على قلب العبد، فإذا فرَّغ العبد قلبه لتذكر محفوظاته ومن أولاها كتاب الله فإنه حينئذٍ يبقى هذا المحفوظ، وإذا كان القلب لا يشتغل بذكر الله، ولا بقراءة كتابه غار الله على كتابه، فلم يجعله باقيًا في قلب ذلك العبد، دلَّ على هذا المعنى قول النبي : (تعاهدوا هذا القرآن، فوالذي نفس محمد بيده لهو أشد تفلتًا من الإبل في عُقُلها) [٢].

(١) وحديث ابن عمر: (إنما مثل صاحب القرآن - أي: حافظ القرآن - كمثل صاحب الإبل المعلقة - يعني المربوطة الأقدام - إن عاهد عليها - يعني: تفقد هذا الرباط - تمكن من إمساكها، وإن أطلقها)، ولم يربطها ولم يعلقها فإن هذه الإبل ستذهب، وستكون من الإبل الشوارد.


[١] أخرجه البخاري (٤٧٤٣)، ومسلم (٧٨٩)، ومالك في الموطأ (٤٧٤).
[٢] أخرجه مسلم (٧٩١).

<<  <   >  >>