للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الحافظ ابن عبد البر (١) : "وفي الحديث دليل على أن من لم يتعاهد علمه، ذهب عنه (٢)، أي من كان، لأن علمهم كان ذلك الوقت القرآن لا غير (٣)، وإذا كان القرآن الميَسَّر للذكر يذهب إن لم يتعاهد، فما ظنك بغيره من العلوم المعهودة؟. وخير العلوم ما ضبُط أصلُه، واستذكر فرعه، وقاد إلى الله تعالى، ودل على ما يرضاه" [١] ا. هـ.

(١) قوله: "قال الحافظ .. "، نقل المؤلف كلام الحافظ ابن عبد البر؛ وهو هو مكانةً ومنزلة وعلمًا وفضلًا.

(٢) قوله: "وفي هذا الحديث دليل على أن من لم يتعاهد علمه … "، أي: لم يكرره ولم يعده مرة بعد أخرى، سواء كانت الإعادة بقراءته، أو بتكرار تدريسه، أو بقراءة الناس عليه ذلك العلم.

(٣) قوله: "من لم يتعاهد علمه ذهب عنه، أي من كان؛ لأن علمهم كان ذلك الوقت القرآن لا غير"، لأنه أساس العلوم.

ويبدو أن السنة أيضًا كانت كذلك، لكن السنة قد يعتبرها البعض تابِعَة أو مفسرة، وقد يعتبرها بعضهم دليلًا مستقلًا، وإذا كان القرآن الميسر للذكر يذهب إن لم يُتَعَاهد فما ظنك بغيره من العلوم؟! والعلوم لها أصول: متى ضبطتَ الأصل ضبطتَ ما يترتب عليه من الفروع، فاضبط الأصل واحفظه حفظًا كاملًا، وبذلك تكون قد عرفت تلك الفروع وعرفت الرابط بينها، ومن ضبط الأصل واستذكر الفرع بنيَّة التَّقرب الله حصل حينئذٍ على رضا رب العالمين.


[١] التمهيد ١٤/ ١٣٢ - ١٣٣.

<<  <   >  >>