للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وطريق الضمانة لهذا - إذا نازعتك نفسك بكلام غير صادق فيه -: أن تقهرها بذكر منزلة الصدق وشرفه، ورذيلة الكذب ودركه، وأن الكاذب عن قريب ينكشف.

واستعن بالله ولا تعجزن، ولا تفتح لنفس سابلة المعاريض في غير ما حصره الشرع.

فيا طالب العلم! احذر أن تمرق من الصدق إلى المعاريض فالكذب، وأسوأ مرامي هذه المروق (الكذب في العلم) لداء منافسة الأقران، وطيران السمعة في الآفاق (١).

(١) قوله: "سابلة المعاريض .. "، المعاريض: أن تتكلم بكلام له معنيان:

أحدهما: معنى يفهمه غيره، لكنه غير واقع، وتريد غيرك يصدقك.

والثاني: خفي موافق لما في الخارج لا تريد من غيرك فهمه.

جاء في الحديث أن النبي قال: (في المعاريض مندوحة عن الكذب) [١]، نمثل للمعارض لما سألته هذا أخوك؟ - وهو ليس ابن أبيه ولا أمه - قال: نعم، وأراد أخوة الإسلام، فالظاهر أني لما سألت: هل هذا أخوك؟ أريد الأخوة من النسب، فلما قال: نعم، حينئذ أوهمني بأن المراد الأخوة النسبية، وكان مراده الأخوة الإيمانية.

ما حكم المعاريض؟ المعاريض على ثلاثة أنواع:

النوع الأول: إذا كان سيتوصل بها إلى إبطال الحقوق وأكل أموال الناس فهي حرام، قال: أشهد بالله أن ما له عند زيد شيء، هذه العبارة تنفي وجود الحق، لكن لما عُدنا إليه سألناه قال: أنا أقصد (ما) الموصولة، فقولي: (ما له) يعني الذي له على زيد شيء، هذا من المعاريض، وتوصلنا به إلى إبطال حق، فيكون محرمًا، كذلك المعاريض في الأيمان لا تجوز =


[١] أخرجه ابن السني مرفوعًا في عمل اليوم والليلة (٣٢٧).

<<  <   >  >>