وعليه، فالتزم التخلص من كل ما يشوب نيتك في صدق الطلب؛ كحب الظهور، والتفوق على الأقران، وجعله سلمًا لأغراض وأعراض، من جاه، أو مال، أو تعظيم، أو سمعة، أو طلب محمدة، أو صرف وجوه الناس إليك، فإن هذه وأمثالها إذا شابت النية أفسدتها، وذهبت بركة العلم، ولهذا يتعيَّن عليك أن تحمي نيَّتَك من شوب الإرادة لغير الله تعالى، بل وتحمي الحِمَى.
وللعلماء في هذا أقوال ومواقف بينت طرفًا منها في المبحث الأول من كتاب "التعالم"، ويزاد عليه نهي العلماء عن "الطبوليات"(١)، وهي المسائل التي يراد بها الشهرة.
وقد قيل:"زلة العالم مضروب لها الطبل".
وعن سفيان رحمه الله تعالى أنه قال:"كنتُ أوتيتُ فهم القرآن، فلما قبلتُ الصُّرَّةَ سُلِبْتُهُ"(٢).
(١) قال: ويزاد عليه نهي العلماء عن "الطبوليات"، يأتي الإنسان بالمسألة الغريبة فينشرها في وسائل الإعلام، ثم يأتي ضعاف القلوب فيصفقون لها، ويطبلون لها، وينشرونها في الأمة، ولذلك نقل هذه الكلمة "زلة العالم مضروب لها الطبل"؛ لو أتى إنسان غير معروف بقول شاذ فيكتب كتابة مخالفة لما استقر في علم الشريعة لانطمست ولم يكن لها أثر، وإنما نخشى من زلة العالم، فإنه يزلُّ بها عالم، هذا ما أراده المؤلف بهذه الكلمة.
(٢) قال سفيان: "كنت أوتيت فهم القرآن"، يعني معرفة معاني آيات القرآن وأسراره وحكمه، وتمكنت من استنباط الأحكام منه، "فلما قَبِلتُ الصُّرَّة" أخذت المال من الناس، سُلبت هذه القدرة، وهي فهم القرآن، وحينئذٍ يحذر الإنسان - طالب العلم - من الرغبة =