ولا تكن خَرَّاجًا ولاجًا في الجماعات، فتخرج من السعة إلى القوالب الضيقة، فالإسلام كله لك جادة ومنهجًا، والمسلمون جميعهم هم الجماعة، وإن يد الله مع الجماعة، فلا طائفية ولا حزبية في الإسلام.
وأعيذك بالله أن تتصدع، فتكون نهابًا بين الفرق والطوائف والمذاهب الباطلة والأحزاب الغالية، تعقد سلطان الولاء والبراء عليها.
فكن طالب علم على الجادَّة؛ تَقْفُو الأثر، وتتبع السنن، تدعو إلى الله على بصيرة، عارفًا لأهل الفضل فضلهم وسابقتهم.
وإن الحزبيَّة ذات المسارات والقوالب المستحدثة التي لم يعهدها السلف من أعظم العوائق عن العلم، والتفريق عن الجماعة، فكم أوهنت حبل الاتحاد الإسلامي، وغشيت المسلمين بسببها الغَوَاشِي.
فاحذر - رحمك الله - أحزابًا وطوائف طاف طائفها، ونجم بالشر ناجمها، فما هي إلا كالميازيب؛ تجمع الماء كدرًا، وتُفَرِّقُهُ هَدرًا، إلا من رحمه ربك، فصار على مثل ما كان عليه النبي ﷺ وأصحابه ﵃.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى عند علامة أهل العبودية: "العلامة الثانية: قوله: (ولم يُنسبوا إلى اسم)؛ أي: لم يشتهروا باسم يعرفون به عند الناس من الأسماء التي صارت أعلامًا لأهل الطريق.
وأيضًا فإنهم لم يتَقيَّدوا بعمل واحد يجري عليهم اسمه، فيُعْرَفُون به دون غيره من الأعمال؛ فإن هذا آفة في العبودية، وهي عبودية مقيدة.
وأما العبودية المطلقة؛ فلا يُعرف صاحبها باسم معين من معاني أسمائها، فإنه مجيب لداعيها على اختلاف أنواعها، فله مع كل أهل عبودية نصيب يضرب معهم بسهم؛ فلا يتقيد برسم ولا إشارة، ولا اسم ولا بزِيٍّ،