للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخوف والرجاء، فإنهما للمسلم كالجناحين للطائر (١).

فأقبل على الله بكليتك (٢)، وليمتلئ قلبك بمحبته (٣)، ولسانك بذكره،

= استشعر هذه الصفة، وكانت صفةً ملازمةً له، وصل إلى أعلى مراتب الدِّين، وهي صفة الإحسان، فإن صفة الإحسان: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك. والمؤمن يتَّصف بهذه الصفة حال وجوده بين أيدي الناس وحال خلوته؛ لأنه يعلم أن الله - جل وعلا - مُطَّلِعٌ عليه في جميع أحواله، ﴿إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ﴾ [آل عمران: ٢٩]، كذلك هذه الصفة تجعل المؤمن يستشعر الخوف ويستشعر الرجاء، فهو يخافُ على نفسه أن يُعاقبه الله بسبب ذنوبه، وهو في نفس الوقت يرجو من الله أن يُسبغَ عليه نعمهُ، وأن يرحمه بسبب أن الله كريم عفو رحيم متفضِّل، فهو يخاف بسبب فعل نفسه، ويرجو بسبب رحمة ربه.

(١) قوله: "فإنهما - يعني الخوف والرجاء - للمسلم كالجناحين للطائر"، وهذا يدلك على خطأ من يقول: العبادة تكون بالمحبة فقط، بل لا بد في العبادة من خوف ورجاء ومحبة.

(٢) قوله: "فأقبل على الله بكُلِّيَّتك"، يعني: بجميعك، من أقبل على الله فإن الله سيكون له معينًا، ومؤيدًا وناصرًا، من كان مع الله كان الله معه، ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ﴾ [النحل: ١٢٨].

(٣) قوله: "وليمتلئ قلبك بمحبة الله"، لأن محبة العبد لربه من القربات، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ﴾ [البقرة: ١٦٥]، وليمتلئ لسانك بذكر الله فإن ذكر الله سبب من أسباب طمأنينة القلب التي يتمكن القلب بها من تحصيل العلم، وذكر الله سبب من أسباب طرد الشياطين التي تلقي الوساوس في قلوب العباد، وذكر الله سبب من أسباب إعانة الله للعبد كما قال سبحانه: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾ [البقرة: ١٥٢]، وفي الحديث القدسي=

<<  <   >  >>