للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهضمها، ومراغمتها عند الاستشراف لكبرياء (١) أو غطرسة أو حب ظهور أو عجب … ونحو ذلك آفات من العلم القاتلة له، المذهبة لهيبته، المطفئة لنوره، وكلما ازددت علمًا أو رفعة في ولاية، فالزم ذلك تحرز سعادة عظمى، ومقامًا يغبطك عليه الناس.

وعن عبد الله ابن الإمام الحجة الرواية في الكتب الستة بكر بن عبد الله المزني رحمهما الله تعالى، قال: "سمعت إنسانًا يحدِّث عن أبي، أنه كان واقفًا بعرفة فرَقَّ فقال: لولا أني فيهم، لقلت: قد غفر لهم" (٢)، خَرَّجَه الذهبي ثم

= البحرين، هو أعلم منك. قال يا رب، وكيف به؟ [١]، فسأله الرحلة إليه، لماذا؟ لأنه سيعرف حقيقة نفسه بعد ذلك، وطلب أن يذهب إلى من هو أعلم منه، وتعرفون من قصتهم في سورة الكهف ما تعرفون.

(١) قوله: "ومراغمة النفس عند الاستشراف لكبرياء"، إذا تطلعت نفسك إلى التكبر على الخلق، قم بإمساك لجامها، وقدها، ولا تجعلها تستشرف الكبرياء، أو الغطرسة، أو حب الظهور، أو الإعجاب بالنفس، فكل هذا من آفات النفس التي يجب علينا أن نروض النفس من أجل مضادتها.

قال المؤلف في بيان الأدب الخامس من آداب طالب العلم: خفض الجناح ونبذ الكبرياء، والخيلاء، قال من آفات النفس الكبرياء، والغطرسة، وحب الظهور والإعجاب بالنفس، فإن هذه الآفات تقتل النفس، ولا تمكنها من طلب العلم، وكلما ازددت علمًا أو رفعة في ولاية فاحذر من التكبر، والزم التواضع، تحرز بذلك السعادة العظمى، فإن المتكبر كالبعيد يراه الناس صغيرًا ويراهم صغارًا.

(٢) ثم أورد رواية عن بكر بن عبد الله المزني قال ابنه: "كان أبي واقفًا بعرفة فرَقّ، أي رقَّت نفسُه، وبدأت العَبرة تخرج من عينه، ثم بعد ذلك أزرى بنفسه وتنقصها، فقال: =


[١] أخرجه البخاري (١٢٢)، ومسلم (٢٣٨٠).

<<  <   >  >>