للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عصي الله به، فتطاولك على معلمك كبرياء، واستنكافك عمن يفيدك ممن هو دونك كبرياء (١)، وتقصيرك عن العمل بالعلم حمأة كبر، وعنوان حرمان.

العلم حرب للمكان المتعالي … كالسيل حرب للمكان العالي

فالزم - رحمك الله - اللصوق إلى الأرض، والإزراء على نفسك (٢).

(١) قوله ومن أمثلته: "استنكافُك عمن يفيدك ممن هو دونك"، استنكافك يعني ترفعك عمن يأتيك بفائدة، إذا كان هذا ممن هو دونك فإنه من الكبرياء، فينبغي للإنسان أن يقبل الفائدة، ولو كانت من أصغر صغير، ولا يستنكف عن ذلك.

صورة أخرى من صور التكبر: التقصير عن العمل بالعلم فإنه من مظاهر التكبر، لكن عندما يجد الإنسان مجتمعًا من المجتمعات لا يؤدي سنة كان يعتادها، فيتركها من أجلهم هذا نفاق.

ثم ذكر المؤلف هذا البيت:

العلم حرب للفتى المتعالي … كالسيل حرب للمكان العالي

المتعالي يعني: المتكبر.

كالسيل حرب للمكان العالي، فالمكان العالي لا يصله السيل، إنما السيل يجري في مكان منخفض، وهكذا العلم، العلم لا يناله - كما ورد عن بعض السلف - مستح ولا متكبر.

(٢) قوله: "فالزم اللصوق إلى الأرض، والإزراء على نفسك"، يعني: التنقص منها.

وإذا جاءتك نفسك وخيَّلت إليك أنك على منزلة عالية، وأنك قد استفدت علمًا كثيرًا فكذِّبها، وقل: يا نفس هذا ليس من صفاتك، لم تستفيدي من العلم إلا الشيء القليل، وانظر إلى قصة موسى مع الخضر، لما سئل موسى: (أيُّ الناس أعلمُ؟ فقال: أنا أعلم، فعتب الله عليه، إذ لم يَرُدُّ العلم إليه، فأوحى الله إليه: أن عبدًا من عبادي بمجمع=

<<  <   >  >>