وعليه، فليكن معتدلًا في معاشه بما لا يشينه (١)، بحيث يصون نفسه ومن يعول (٢)، ولا يرد مواطن الذلة والهون (٣).
وقد كان شيخنا محمد الأمين الشنقيطي المتوفى في ١٧/ ١٢/ ١٣٩٣ هـ رحمه الله تعالى متقلِّلًا من الدنيا، وقد شاهدته لا يعرف فئات العملة الورقية، وقد شافهني بقوله:"لقد جئت من البلاد - شنقيط - ومعي كنز قلَّ أن يوجد عند أحد وهو (القناعة)، ولو أردت المناصب، لعرفت الطريق إليها، ولكني لا أوثر الدنيا على الآخرة، ولا أبذل العلم لنيل المآرب الدنيوية". فرحمه الله رحمة واسعة آمين (٤).
(١) قوله: "وعليه فليكن معتدلًا في معاشه بما لا يشينه"، يعني: ما يكون سببًا لورود ذم أو ما لا يحمد عليه، بحيث لا يثني عليه بسوء.
(٢) قوله: "بحيث يَصُون نفسه ومن يعول"، فهو يقتات ويعمل، ولكن لا يكون ذلك العمل من المشتبهات، أو مما يخالف المروءات.
(٣) قوله: "ولا يرد مواطن الذلة والهون"، يعني: المَحَال التي يكون ورودها أو فعلها سببًا من أسباب اعتقاد الناس أن هذا يخالف المروءة، فالصنائع أو الأعمال التي تخالف المروءات عند الناس يجتنبها طالب العلم.
(٤) ثم ذكر المؤلف عن شيخه الشيخ الأمين الشنقيطي، وهو من علماء الأمة فضلًا وعلمًا، ومن سمع أحاديثه أو أشرطته ودروسه، علم ما آتاه الله - جل وعلا - من العلم، وتفسيره أضواء البيان من الكتب النادرة العظيمة المشتملة على علم كثير، مع كونه لا يتجاوز تفسير الآيات التي يفسر القرآن فيها بالقرآن، أو يستنبط منها أحكام فقهية، والشيخ الشنقيطي نموذج للزاهدين، فالزهد عظيم الشأن ليس في حال من أعرضت عنه الدنيا، ولكن الزهد فيمن أقبلت عليه الدنيا.
إذا تقرر هذا فإن من آتاه الله المال الكثير فاستعمله في طاعة الله فهذا زاهد.