وعن رجاء بن حيوة رحمه الله تعالى أنه قال لرجل:"حدِّثنا، ولا تحدِّثنا عن مُتَمَاوت ولا طعَّان"(١).
رواهما الخطيب في الجامع وقال:"يجب على طالب الحديث أن يتجنب اللعب، والعبث، والتبذل في المجالس بالسخف، والضحك والقهقهة، وكثرة التنادر، وإدمان المزاح والإكثار منه، فإنما يستجاز من المزاح بيسيره ونادره وطريفه، والذي لا يخرج عن حدِّ الأدب وطريقة العلم، فأما متصله وفاحشه وسخيفه، وما أوغر منه الصدور وجلب الشر، فإنه مذموم، وكثرة المزاح والضحك يضع من القدر، ويزيل المروءة"(٢). ا. هـ.
(١) قوله: "قال رجاء بن حيوة لرجل: (حدثنا ولا تحدثنا عن متماوت ولا طعَّان)، والمتماوت هو من كان متصفًا بصفة موت القلب، بأن يكون باطنه غير معمور لله - جل وعلا، "ولا طعان"، وهو الذي يبذل لسانه في القدح في الآخرين وسبهم.
(٢) قوله: "قال الخطيب: (يجب على طالب الحديث أن يتجنب اللعب .. ) "، ما المراد باللعب؟ العمل الذي ليس له ثمرة، ومن أمثلته: هذه الألعاب التي في زماننا وعصرنا، سواء كانت في الإنترنت أو في جهاز الهاتف، أو في غيرهما.
كذلك يتجنب العبث، مثل أن يحرك يديه حركات لا فائدة منها، كذلك يتجنب التَّبذُل في المجالس، والتبذل في المجالس: الحديث في كل ما يقصد الناس الحديث فيه، بحيث لا يوجد له ضوابط في حديثه، ومن ثم تجده يتكلم بالسُّخف والمراد بالسخف الأمور التوافه، التي لا قيمة لها ولا منزلة، أو يتكلم بأمور مضحكة التي ينتج عنها قهقهة، وكثرة التندُّر، والتنكيت على الآخرين، وكذلك على طالب الحديث أن يتجنب إدمان المزاح والإكثار منه، لو مزح مرة جاز ولم يناف ذلك آداب طالب العلم، لكن أن يكون ذلك دأبه في كل حديثه وفي كل أموره، فهذا ليس من شأن طالب العلم، إنما يُسْتَجَاز من المزاح الشيء =