للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتحرز في العبارة والأداء دون تعنت أو تحذلق (١)، وتأمل عند المذاكرة: كيف تختار القالب المناسب للمعنى المراد، وتأمل عند سؤال السائل: كيف تتفهم السؤال على وجهه حتى لا يحتمل وجهين، وهكذا.

= مثال ذلك: عندما يأتي الفقيه أو الأصولي ويأمر الناس بالعمل بالنصوص، ثم يأتي السائل ويسأله عن النص الذي في مقابلة الظاهر، فحينئذٍ هذا السؤال يُلْبِس، وقد يُظَنُّ أن العمل بالنصوص إنما يراد به الأدلة القطعية، وهذا ليس مرادًا للشيخ، وإنما مراد الشيخ بكلامه: النص الذي يشمل ما كان صريح الدلالة، وما ورد عليه احتمال، ويشتمل أيضًا اللفظ الظاهر، فعندما يأتي الطالب ويسأل عن هذا اللفظ يكون قد أوقع الناس في لبس، سواء أوقع شيخه أو أوقع زملاءه.

(١) قوله: "وتحرز في العبارة .. "، كلمة العبارة: يراد بها الجملة من الكلام، وذلك أن هذه اللفظة أصلها من الفعل (عبر) بمعنى انتقل من مكان إلى مكان، وقد أمر الله - جل وعلا - بالاعتبار فقال: ﴿فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ﴾ [الحشر: ٢]، يعني: اعتبروا بأذهانكم، وانتقلوا بذهنكم من حال أولئك اليهود الذين خربت عليهم بيوتهم، وعذبوا بهذا التعذيب المذكور في أول السورة، وقيسوا أنفسكم، وانتقلوا بأذهانكم لأنفسكم، فإنكم إذا فعلتم مثل فعلهم عاقبكم الله بمثل عقوبتهم، وبعض أهل العلم يطلق على (الجملة من الكلام) هذا اللفظ: (العبارة)، وهذا ناشئ من منشأ عقدي؛ وذلك أن بعض الطوائف يرون أن الكلام هو المعاني النفسية، وأن الألفاظ والأصوات والحروف عبارة عن الكلام، وليست هي الكلام، ولذلك يسمون الجُمَل والكلمات عبارات، وهذا نشأ من أصل عقدي، ولذلك ينبغي التحرز من إطلاق هذه الجملة جملة (العبارة)، بحيث يراد بها الألفاظ.

<<  <   >  >>