والحال هنا تختلف من طالب إلى آخر باختلاف القرائح والفهوم، وقوة الاستعداد وضعفه، وبرودة الذهن وتوقده (١).
وقد كان الطالب في قطرنا بعد مرحلة الكتاتيب والأخذ بحفظ القرآن الكريم يمر بمراحل ثلاث لدى المشايخ في دروس المساجد: للمبتدئين، ثم المتوسطين، ثم المتمكنين.
ففي التوحيد:"ثلاثة الأصول وأدلتها"، و "القواعد الأربع"، ثم "كشف الشبهات"، ثم "كتاب التوحيد"، أربعتها للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى، هذا في توحيد العبادة (٢).
(١) قوله: "والحال هنا تختلف من طالب إلى آخر .. "، أي: الطلاب يختلفون من حيث جودة الفهم، ومن حيث ما لديهم من صفات تؤهلهم لحفظ العلم، وما لديهم من رغبة في التعلم؛ وما لديهم من قوة الذهن وضعفه، ولذلك فيُنتقى لكل مجموعة ما يناسبهم من الكتب، ذكر المؤلف حال علماء هذه البلاد، وكيف كانوا يتدرجون في اختيار المتون، وابتدأ بعلم المعتقد والتوحيد؛ لأن التوحيد يُقدَّم على غيره من الفنون، وذلك لأنه أصل الأصول، ولأن النبي ﷺ يعلم من جاءه أول ما يعلمه إفراد الله بالعبادة؛ ولأن هذا هو الذي يجعل الإنسان من أهل دين الإسلام، ولأن النبي ﷺ إذا أرسل المعلمين يأمرهم بأن يبتدئوا بهذا الأصل، قال:(يا معاذ، إنك تأتي قومًا أهل كتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه أن يوحدوا الله)، وفي رواية:(إلى شهادة أن لا إله إلا الله)[١].
(٢) ذكر المؤلف الكتب المؤلفة في أنواع الفنون، وهي كتب نافعة قيمة، وكثير منها محلّ عناية أهل العلم في كثير من الأقطار.
[١] أخرجه البخاري (١٤٩٦)، والترمذي (٦٢٥)، وأبو داود (١٥٨٤).