للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما الخلط في التعليم بين عِلْمَيْن فأكثر؛ فهذا يختلف باختلاف المتعلمين في الفهم والنشاط.

وكان من أهل العلم من يدرس الفقه الحنبلي في "زاد المستقنع" للمبتدئين، "والمقنع" لمن بعدهم للخلاف المذهبي، ثم "المغني" للخلاف العالي، ولا يسمح بالطبقة الأولى أن تجلس في درس الثانية .. وهكذا؛ دفعًا للتشويش.

واعلم أن ذكر المختصرات والمطولات التي يؤسس عليها الطلب والتلقي لدى المشايخ تختلف غالبًا من قطر إلى قطر باختلاف المذاهب، وما نشأ عليه علماء ذلك القطر من إتقان هذا المختصر والتمرس فيه دون غيره (١).

(١) ذكر المؤلف التدرج في التعلم، وذكر أنه كان من شأن أهل العلم أن لا يخلطوا بين المتعلمين، فيكون لطائفة التعلم في أول الفنون والمتون بالعلم، ثم بعد ذلك من أتقنه انتقل إلى المرحلة الأخرى، وأما إذا خُلط الطلاب بعضهم مع بعض فإنه يؤدي إلى التخبط؛ وذلك أن المبتدئ يسأل سؤالًا يناسب حاله، فيضجر منه من هو أعلى درجة منه، ويمل من طلب العلم في ذلك المجلس، وإذا سأل المتمكن والمتوصل سؤالًا قد لا يفهمه المبتدئ، فيكون ذلك سببًا لخلط العلوم في ذهنه، وإدخال بعضها في بعض، ولذلك كان من الشأن المحمود تقسيم طلبة العلم بحسب درجاتهم، أما بالنسبة لاختيار المتون فيختلف - كما تقدم - من بلد إلى بلد، ومن أهل مذهب إلى أهل مذهب، وحينئذ يختار الشيخ لطلابه ما يناسبهم من المتون ويتوافق مع أحوالهم.

<<  <   >  >>