للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والبلوغ إلى ما فوقه حتى تفيض إلى المطولات بسابلة موثقة (١).

وكان من رأي ابن العربي المالكي أن لا يخلط الطالب في التعليم بين عِلْمَيْن، وأن يقدم تعليم العربية والشعر والحساب، ثم ينتقل منه إلى القرآن.

لكن تعقبه ابن خلدون بأن العوائد لا تساعد على هذا، وأن المقدَّم هو دراسة القرآن الكريم وحفظه، لأن الولد ما دام في الحجر؛ ينقاد للحكم، فإذا تجاوز البلوغ، صعب جبره (٢).

(١) قوله: "والبلوغ إلى ما فوقه حتى تفيض إلى المطولات بسابلة موثقة"، يقال: فاض الماء بحيث امتلأ المكان الأول فانتقل بعضه إلى مكان آخر، فاض الماء فهو يفيض، فينتقل من المختصرات إلى المطولات، وقوله: "بسابلة" السابلة السحاب القَوِي الذي فيه مطر كثير، "موثقة" ما يكون متوثقًا من علمه.

(٢) ذكر المؤلف خلافًا بين ابن العربي المالكي وبين ابن خلدون فيما يتدرج فيه من التعلم، فابن العربي يرى تقديم العربية والشعر والحساب، ثم ينتقل إلى القرآن، وابن خلدون يرى أن المقدَّم هو القرآن وحفظه، وعلى كل فإن معرفة العربية لغة كان الناس يحرصون عليها؛ وذلك لأن الصبي في أول تكلمه إذا عُلِّمَ العربية نطقًا وأسلوبًا تكون العربية سليقة له، فهذا يكون أول ما يتعلمه الإنسان، وأما تعلم العربية كقواعد، وتعلم أنواع علوم العربية فيكون بعد إتقان القرآن؛ لأن تعلم القرآن وحفظه يعين على معرفة العربية، ومعرفة العربية تعين على فهم القرآن، فهو يبتدئ أولًا بحفظ القرآن، ثم يتعلم العربية فينطلق من العربية إلى فهم القرآن.

<<  <   >  >>