ويبعثروا مسيرتهم في الطلب (١)، فيستلُّوهم وهم لا يشعرون (٢).
واليوم أخوك (٣) يشد عضدك، ويأخذ بيدك، فأجعل طوع بنانك رسالة تحمل "الصفة الكاشفة"(٤) لحليتك (٥)، فها أنا ذا أجعل سن القلم على القرطاس (٦)، قاتل ما أرقم لك (٧) أنعم الله بك عينًا (٨):
(١) قوله: "ويُبَعْثِروا مسيرتهم في الطلب"، كم وجدنا من هؤلاء المُتعالمين مِنْ صد الطلاب عن طلب العلم باسم طلب العلم.
(٢) ثم قال: "فيَسْتَلُّوهم وهم لا يشعرون"، يعني: يستخرجوهم استخراجًا لطيفًا، كما يقال: استلَّ الشَّعرة من العجين، يعني: استخرجها استخراجًا لطيفًا.
(٣) قوله: "واليوم أخوك"، يقصد المؤلف نفسه.
(٤) قوله: "يشد عضدك"، ويأخذ بيدك، فأجعل طوع بنانك رسالة تحمل "الصفة الكاشفة"، الصفات على نوعين: صفة كاشفة توضح وتُبَيِّن الموصوف، وهناك الصِّفات التي يُراد بها إعمال مفهوم المخالفة، وتُسمى:(الصفة المقيِّدة)، عندما تقول: رجل طويل، فـ (طويل) وصفٌ كاشف، وعندما تقول: أعتق رقبةً مؤمنة، معناها أنك تقول: في الكفارة: لا تعتق غير المؤمنة.
الصفة الكاشفة: أي الكيفية التي تتضح بها حال الشيء الموصوف، وهذا الوجه من الصفة هو الذي يراد به تمييز الموصوف الذي لا يعلم، ليميز من سائر الأجناس بما يكشفه. انظر حرف الصاد من "الكليات" ٣/ ٩٢.
(٥) قوله: "لحليتك"، الأصل في الحلية ما تلبسه النساء من الذهب والفضة ونحو ذلك، وهنا المراد به الآدابُ التي يتأدب بها طالب العلم فتظهر أمام الناس.
(٦) قوله: "فها أنا ذا أجعل سِنَّ القلم على القرطاس"، سن القلم: يعني طرف القلم.
(٧) قوله: "فاتلُ ما أرقم لك"، اقرأ ما كتبته لك.
(٨) قوله: "أنعم الله بك عينًا"، يعني: أنني أدعو الله ﷿ أن تنعم العيون برؤيتك.