للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا أَرَادَ به غير ذلك لم يَفْتَحْهَا، ثُمَّ قَرَأ: ﴿أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾ (١).

وكَمَا أَنَّ صَاحِبَ الْبَصَرِ الظَّاهِرِ إذا لَمْ يَفْتَحْ أَجْفَانَهُ أو ذهب عُمْرُهُ في ظُلْمَةٍ ضَاعَتْ عَيْنُهُ وَنُورُهَا، فَصَاحِبُ الْبَصِيرَةِ الْبَاطِنَةِ إذَا لَمْ تَنْفَتِحْ أَجْفَانُ بَصِيرَتِهِ ضَاعَ قَلْبُهُ وبَطَلَتْ فائِدَتُهُ، وَسَبِيلُ مَنْ أَشْرَفَ قَلبُهُ وَنُورُ بَصِيرَتِهِ على الضَّيَاعِ أَنْ يَسْتَغِثَ بِالرَّحْمَنِ رَجاء أَن يَتَدارَكَ أَمْرَهُ بِالرَّحْمَةِ والاِصْطِنَاعِ، وَيَتَضَرَّعَ بِمَا أَنْشَدَ عَبْد اللهِ بْنُ الْحَسَنِ الْفَقِيرُ: [بسيط]

لَوْ شِئْتَ دَاوَيْتَ قَلْبًا أَنْتَ مُسْقِمُهُ … وَفِي يَدَيْكَ مِنَ الْبَلْوَى سَلَامَتُهُ

إِنْ كَانَ يُجْهَلُ مَا فِي الْقَلْبِ مِنْ حُرَقٍ … فَدَمْعُ عَيْنِي عَلَى خَدِّي عَلَامَتُهُ

وَقَرَأْتُ على والدي قَالَ: أَنَبَا هِبَةُ الرَّحْمن قَالَ: أَنَبَا أبو سَعِيدٍ قَالَ: أنَبَا السُّلَمِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أبَا نَصْرٍ الطُّوسِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أبَا الطَّيِّب الْعَكِّيَّ يقُولُ: ذُكِرَ لي أَنَّ سَمْنُونَ كان جَالِسًا على الشَّطِّ وَبِيَدِهِ قَضِيبٌ يَضْرِبُ به فَخِذَهُ وَسَاقَهُ حَتَّى تَبَدَّدَ لَحْمُهُ وَهُوَ يَقُولُ: [مديد]

كَانَ لِي قَلْبٌ أَعِيشُ بِهِ … ضَاعَ مِنِّي فِي تَقَلُّبِهِ

رَبِّ فَارْدُدْهُ عَلَيَّ فَقَدْ … ضَاقَ صَدْرِي فِي تَطَلُّبِهِ

وأَغِثْ مَا دَامَ بِي رَمَقٌ … يَا غِيَاثَ الْمُسْتَغيثِ بِهِ (٢)

وَمَن الْتَجَأَ إِلَيْهِ فَلَمْ يُقْبَلْ ولَمْ يُفْتَح لَه البَابُ فَقَد قَضَى عَلَيْهِ ما عَلَيْهِ، ولم يَلُمْ نَفْسَهُ إذَا استْقبَلَهُ مَا بَينَ يَدَيْهِ.


(١) محمد: ٢٤.
(٢) "طبقات الصوفية" لأبي عبد الرحمن السلمي (ص ٦٦) كما رواه من طريقه الرافعي.

<<  <   >  >>