للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسميُّه (١) وتتابع وَلَيُّهُ (٢) وأخذت الأرض من أنواع (زينتها) (٣) من نَور ربيع مونق وقد ضرب له سرداق حبرة، وأخذ الناس مجالسهم، فنظر إليّ شبه المستنطق لي، فقلت: أتم الله عليك يا أمير المؤمنين من نعمته، ولا كدر عليك ما صفي، ولا خالط مسروره الردي، وما أجد يا أمير المؤمنين شيئًا هو أبلغ من قضاء حقك، وتوقير مجلسك ممن أذكرك نِعَم الله عليك، وأنبهك لشكرها، ولا أجد شيئًا أبلغ من حديث من سلف من قبلك من الملوك، فإن أذن لي أمير المؤمنين أخبرته عنه، فاستوى جالسًا وكان متكئًا فقال: هات يا ابن الأهتم.

فقلت: إن ملكًا من الملوك قبلك خرج في عام مثل عامنا هذا إلى الخورنق والسدير، وكان قد أعطي فتاء السن من الغلبة والقهر، فقال لجلسائه: هل رأيتم مثل ما أنا فيه وهل أعطي أحد مثل ما أُعطيت؟

قال: وكان عنده رجل من بقايا حملة الحجة والمضيّ على أدب الحق ومنهاجه، فقال: أيها الملك قد سألت أفتأذن في الجواب؟ قال: نعم.

قال: أرأيت ما أنت فيه أشيء لم تزل فيه أم شيء صار إليك ميراثًا عن غيرك وهو صائر إلى غيرك؟ فقال: هو ميراث لي وصائر إلى غيري.

قال: فقد أعجبت بشيء يسير تكون فيه قليلًا وتغيب عنه طويلًا، وتكون غدًا بحسابه مرتهنًا. قال: ويحك فأين المهرب وأين المطلب؟

فقال: إما أن تقيم في ملكك تعمل فيه بطاعة ربك على ما ساءك وسرَّك


(١) الوَسْمِيُّ: مطر الربيع الأوَّل، لأنَّه يسِمُ الأرض بالنبات، نُسِبَ إلى الوَسْم.
(٢) الْوَلِيُّ: المطر يأتي بعد المطر المعروف بالوسمى، سمي به لأنه يلي الوسمي. الصحاح: ولى.
(٣) في س: نبتها.

<<  <   >  >>