للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَصْحَابِي" (١)، وقوله: "احْفَظُونِي فِي عِتْرَتِي" (٢) أي: احفظوا حَقِّي فيهم، وقد كرَّرَ الأمرَ بالحفظِ، وذكر في كلِّ مرةٍ جزاءً فيُحتمل أن يقال: المأمور به واحدٌ ورتب عليه شيئين:

أحدهما: أن يحفظ الله تعالى العبدَ بحفظه حقوقه عن آفات الدنيا وعقوبات الآخرة.

والثاني: أن يعينه ويغيثه إذا تضيق عليه الأمر فيجده عنده بالإجابة والإغاثة إذا دعاه.

وأحسن بعضهم فحمل الحفظ الأول على حفظ الحدود والأوامر بأن لا يجاوزها ولا يقصر فيها، وهو المراد في قوله تعالى: ﴿وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ﴾ (٣) وجزاؤه المرتب عليه حفظ الله إياه من آفات النَّفس والشَّيطان حتى لا يُعْجب بعمله ولا يفسده بالقصود الفاسدة المحبطة له، وحمل الحفظ الثاني على حفظ العبد سريرته ومراقبته ربه حتى يعبده كأنَّه يراه وجزاؤه أن يجد الله قبلة قلبه ويُعْصَم عن الافتتان بغيره حتى لا ينظر في شيءٍ إلا ويرى الله فيه أي: ويرى الله قِبَله، وأنشد: [طويل]

لَئِنْ حَالَتِ الْأَسْفَارُ دُونَ لِقَائِنَا … فَنَحْنُ بِعَيْنِ الْفِكْرِ مَلْتَقِيَانِ

تَصَوَّرْتَ فِي قَلْبِي لِفَرْطِ صَبَابَتِي … كَأَنَّكَ ليِ نُصْبٌ بِكُلِّ مَكَانِ


(١) رواه ابن ماجه (٢٣٦٣) من حديث عمر . وصححه الشيخ الألباني في "الصحيحة" ٣/ ١٠٩.
(٢) رواه القضاعي في "مسند الشهاب" (٧٢١) من حديث أنسٍ .
(٣) التوبة: ١١٢.

<<  <   >  >>