فقال رسول الله ﷺ:"والله لَأَسْتَغْفِرَنَّ لك ما لم أُنْه عنك".
فأنزل الله تعالى: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى﴾ (التوبة: ١١٣) وَأَنْزَلَ الله في أبي طَالِبٍ ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ (القصص: ٥٦).
وكانت وفاة أبي طالب قبل الهجرة بثلاث سنين وأربعة أشهر، ولم يكن حينئذٍ بَعْدُ أَمْرٌ بالقتالِ ولا انقسام الكفار إلى من يقرر ويعقد معه الجزية، وإلى من لا يقرر ويقتل، وكان حكم الكفار جميعًا حكم أهل الذِّمِّةِ والمعاهدين.
وذكر الأصحابُ أنه يجوز للمسلمين غسلَ الكفارِ ذميًّا كان أو حربيًّا، لكن لا يجب.
وفي تَكْفِينِ الذِّمِّيِّ ودفنه وجهين: أظهرهما الوجوب، فكذلك أمر النَّبِيّ ﷺ بمواراته، والحديث صريحٌ في الدلالة على أن أبا طالب مات مشركًا ولذلك رَاجَعَ عليٌّ رسولَ الله ﷺ ليعلمَ ما يفعلُ به، ولم يحضر رسول الله ﷺ دفنه، ولو كان مسلمًا لحضره وشيَّع جنازته كما فعل بأمِّ عليٍّ ﵁ وبل أولى فإنَّه كان أقربَ إليه وأحسنَ صنيعًا منها.
وقد ورد في غير هذه الرواية أنَّه أمره بغسله كما أمره بدفنه، ولذلك أمره بالاغتسال في هذه الرواية.
ومن الأغسال المستحبَّةِ الغسلُ من غسلِ الميتِ؛ رُوِيَ أنَّهُ ﷺ قال:"مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ، وَمَنْ حَمَلَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ"(١).
(١) رواه أبو داود (٣١٥٣)، والترمذي (٩٩٣)، وابن ماجه (١٤٦٣)، وابن حبان (١١٦١) من حديث أبي هريرة.