للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن الحسين بن الفضل (١) أنَّ سبب اختصاص اسم الرحمن بالله تعالى دون الرحيم: أنَّ الرحمن الذي يرحم صاحب الضُّرِّ ويملك كشفه وإدامته، والرحيم الذي يرقّ ويرحم لا غير، فالرحمن رحيم ولا ينعكس.

وقيل: سببه أنهم أرادوا بالرحمن ذا الرحمة الدائمة أو الرحمة العامة وهو الذي تسع رحمته كل شيء وليس ذلك إلَّا لله تعالى.

واختلفوا في أنَّ اسم الرحمن هل كانوا يعرفونه ويستعملونه في الجاهلية:

فعن الكسائي وطائفة: نعم، ونقلوا في شعرٍ جاهليٍّ: [طويل]

أَلَا قَطَعَ الرَّحْمَنُ مِنْهَا يَمِينَهَا

وعن عبد الرحمن بن كيسان وأحمد بن يحيى ثعلب وغيرهما: أنَّ العرب ما كانت تعرفه في الجاهلية، وكان يختص به أهل الكتاب، وعلى ذلك نزل قوله تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ﴾ (٢) الآية، وأنزل الله تعالى في ذلك: ﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ﴾ (٣).

وفي الحديث بَيَانُ فَضِيلَةِ العطف والرحمة على الْخَلْقِ، وفي الْعَطْفِ على عامة الْخَلْقِ فَضْلٌ كَثِيرٌ.

قَرَأْتُ على الْإِمَامِ أحمد بن إسماعيل، أَنْبَأَكُمْ عبد المُنْعِمِ بن عبد الْكَرِيمِ، ثنا


واحد الملك الرحيم، ولم يقع مثل ذلك في الرحمن، وإذا تقرر ذلك كانت إضافة العبودية إلى كل منهما حقيقة محضة فظهر وجه الأحبية، والله أعلم.
(١) هو العلامة المفسر الإمام اللغوي المحدث الحسين بن الفضل بن عمير أبو علي البجلي الكوفي ثم النيسابوري. انظر "سير أعلام النبلاء" (١٣/ ٤١٤).
(٢) الفرقان: ٦٠.
(٣) الإسراء: ١١٠.

<<  <   >  >>