للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأجيب عنه: بأنَّ الكلام قد يؤكد بالاسمين المختلفين وإن كانا راجعين إلى معني واحد كقولهم: جادٌّ مجدٌّ، وبأن نِعَمَمه عاجله وآجلة، والرحمن يشير إلى العاجلة ومنها البشارة بما أعدّ من الكوثر، وتمهيد السبيل التي تؤدي إليه التوفيق لسلوكها، والرحيم يشير إلى الآجلة ومنها التي تخصص بها رسول الله من حوضه الذي يسقى منه أمته، وهذا مثل ما يروى عن بكر بن عبد الله المزني أنه قال: الرحمن بنعيم الدنيا من الأهل والأولاد ونحوها، والرحيم بنعيم الدين من الإيمان والأعمال الصالحة وثمراتها.

وعن يحيى بن معاذ أنَّ الرحمن بمصالح معاشهم، والرحيم بمصالح معادهم.

وقد عَمَّت رحمة الرحيم المؤمنين عمومًا على ما قال تعالى: ﴿وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا﴾ (١) ثم خصص هذه الأمة بأن جعلها مرحومة، ونبيها نبي الرحمة والله الذي بيده الإعادة والإنشاء يختص برحمته من يشاء.

قَرَأْتُ على والدي قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مَنصُورٍ الشَّحَّامِيُّ، حَدَّثَنَا أحمد بن سَهْلٍ، حَدَّثَنَا عبد الرَّحْمَنِ بن حَمْدَانَ، أَنَبَا أبو بكر الْمُفِيدُ، أَنَبَا أحمد بن عبد الرَّحْمَنِ، ثَنَا يَزِيدُ بن هَارُونَ، أَنَبَا أبو جَنَابٍ، عن خَيْثَمَةَ بن عبد الرَّحْمَنِ، عن سَعْدِ بن مَالِكٍ أن رسول الله قال: "إِنَّ أُمَّتِي أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ، إِنَّ الله ﷿ يَدْفَعُ عَنْهُمْ بِضَعْفِهِمْ وَإِخْلَاصِهِمْ وَدُعَائِهِمْ" (٢).

وَحَدَّثَ الْقَاضِي أبو بكر مُحَمَّدُ بن الْقَاسِمِ الشَّهْرُزُورِيُّ قَالَ: أَنشَدَنَا الشَّرِيفُ


(١) الأحزاب: ٤٣.
(٢) رواه أبو داود (٤٢٧٨) من حديث أبي موسى الأشعري: "أمتي هذه أمة مرحومة ليس عليها عذاب في الآخرة-".

<<  <   >  >>