{ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ولكن حق القول مني لأملان جهنم من الجنة والناس أجمعين}، و {ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن يضل من يشاء ويهدي من يشاء ولتسئلن عما كنتم تعملون}، {ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة} والآيات الدالة على الاستدراج ومكر الله تعالى والإبعاد عن الإيمان والطاعة مثل {فكره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين}، {والذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم من حيث لا يعلمون}، {فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون} وأمثال ذلك أزيد من أن يحصى. وأما العترة فقد سبق ما في الكليني عن الصادق قال: إذا أراد الله بعبد سوءا نكت في قلبه نكتى سوداء، الحديث المتقدم.
وأيضا يعتقدون (وجوب الأصلح عليه تعالى)، وهذا باطل بمثل ما مضى. (١) وأيضا لو كان الأصلح واجبا لم يسلط الشيطان على بني آدم الذي هو عدو قوي من غير جنسهم وهم لا يرونه حتى يحترزوا منه ويدفعوه عن أنفسهم وهو يراهم ويتمكن من وسوستهم وقادر على إضلالهم بالإغواء ويصيبهم تصرفه في قلوبهم فضلا عن الأعضاء الأخر، فإنه يجري منهم مجرى الدم. نعم خلق الشيطان ثم إلقاء العداوة بينه وبين الإنسان ثم إبقاؤه وإنظاره القدرة على إغواء بني آدم بالتصرف كل منهم يقلع أصل الأصلح ومارنه. وأيضا كان الأصلح في حق بني إسرائيل أن السامري لم يكن يرى جبريل ولم يعلم أصلا خاصة ما مس حافر فرسه، وإذ رآه وعلم خاصته فهو لم يكن يقدر على قبضه من ذلك التراب، وإذ أخذه فقد كان ضاع منه. ولما وقع هذا كله خلافا لذلك فأين بقي الأصلح؟ وأيضا كان الأصلح في حق الكافر المسكين المبتلى بالفقر والأحزان والآلام والأمراض أن لا يخلق أصلا، وإن خلق مات صغيرا ليخلص من العذاب
(١) قال المجلسي مقررا عقيدة الإمامية: «إن العقل يحكم بأن اللطف على الله واجب ... ». بحار الأنوار: ٥١/ ٢١٥.