للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولنذكر بعض الأدلة المأخوذة من الكتاب وأقوال العترة الأنجاب مما يوصل إلى المطلوب بأدنى تأمل:

الأول أن الله تعالى ذكر جماعة الصحابة الذين كانوا حاضرين حين انعقاد خلافة أبي بكر الصديق وممدين له وناصرين له في أمور الخلافة ملقبا لهم في مواضع من تنزيله قال تعالى {أولئك هم الفائزون} وقال تعالى {رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم} (١) وقال تعالى {حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان} (٢) فإجماع مثل هؤلاء الأقوام على منشأ الجور والآثام محال وإلا لزم الكذب وهو كما ترى.

الثاني أن الله تعالى وصف الصحابة - رضي الله تعالى عنهم - بقوله عز اسمه {ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان} فكيف يرتكبون ذلك فيلزم الخلف وهو محال.

الثالث أن الله تعالى قال في المهاجرين {أولئك هم الصادقون} بعد قوله سبحانه {للفقراء المهاجرين} الآية (٣) وجميعهم قائلون بخلافة الصديق، ولو لم تكن حقة لزم الخلف في الآية وهو محال.

الرابع أن جماعة كثيرين من الصحابة قد وقع اتفاقهم على خلافة أبي بكر - رضي الله تعالى عنه - وكل ما يكون متفقا عليه لجماعة الأمة فهو حق وخلافه باطل بما ذكره الرضى في (نهج البلاغة) مرويا عن الأمير في كلام له «الزموا السواد الأعظم فإن يد الله على الجماعة وإياكم والفرقة فإن الشاذ من الناس للشيطان كما أن الشاذ من الغنم للذئب». (٤)

الخامس أن قوما جاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله وقتلوا آباءهم وأبناءهم وإخوانهم وأقاربهم ولم يراعوا حقهم نصرة لله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - وقد حضروا هذه البيعة ولم يخالفوا فلا بليق بهم ما نسب. وكيف يرضى بذلك العاقل.

السادس أن أمير المؤمنين لما سئل عن أحوال الصحابة الماضين وصفهم بلوازم الولاية وقال كما في نهج البلاغة: «كانوا إذا ذكروا الله هملت (٥) أعينهم حتى تبل جباههم ومادوا


(١) روى الكليني عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد الله قال في تفسير هذه الآية: «فبدأ بالمهاجرين الأولين على درجة سبقهم ثم ثنى بالأنصار ثم ثلث بالتابعين فوضع كل قوم على قدر درجتهم ومنازلهم». الكافي، باب السبق إلى الإيمان: ٢/ ٤١؛ تفسير العياشي: ٢/ ١٠٥.
(٢) وفي الكافي عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد الله في قوله تعالى: {حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم} يعني الأمير، وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان: الأول والثاني والثالث». الكافي: ١/ ٤٢٦. ويعني بهم الخلفاء الثلاثة، وأخرج الرواية أيضا الحويزي في تفسيره: نور الثقلين: ٥/ ٢٢.
(٣) من سورة الحشر: {للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون}
(٤) نهج البلاغة (بشرح ابن أبي الحديد): ٨/ ١١٢.
(٥) في المطبوع ونهج السلامة (همت)، والتصحيح من نهج البلاغة.