للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالخاتم في حالة الركوع فإنما هو الثعلبي فقط وهو متفرد به (١) ولا يعد المحدثون أهل السنة روايات الثعلبي قدر شعيرة، ولقبوه بحاطب ليل، فإنه لا يميز بين الرطب واليابس، وأكثر رواياته في التفسير عن الكلبي (٢) عن أبي صالح، (٣) وهي ما يروى في التفسير عندهم. (٤)

وقال القاضي شمس الدين ابن خلكان (٥) في حال الكلبي: إنه كان من أتباع عبد الله بن سبأ الذي كان يقول إن علي بن أبي طالب لم يمت وإنه يرجع إلى الدنيا. وينتهي بعض روايات الثعلبي إلى محمد بن مروان السدى الصغير وهو كان رافضيا غاليا يعلمونه من سلسلة الكذب والوضع. وأورد صاحب (لباب التفسير) أنها نزلت في شأن عبادة بن الصامت إذ تبرأ من حلفائه الذين كانوا هودا على رغم عبد الله بن أبي وخلافه (٦) فإنه لم يتبرأ منهم ولم يترك حمايتهم وطلب الخير لهم. وهذا القول أنسب بسياق الآية فإن سياقها {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء} لأن هذه الأية بعد تلك الآية. وقال جماعة من المفسرين إنها نزلت في حق عبد الله بن سلام. (٧)

ونقول ثانيا: إن لفظ «الولي» (٨) تشترك فيه المعاني الكثيرة: المحب، والناصر، والصديق، والمتصرف في الأمر. ولا يمكن أن يراد من اللفظ المشترك معنى معين إلا بقرينة خارجة، والقرينة ههنا من السباق يعني ما سبق هذه الآية (٩) فهو مؤيد لمعنى الناصر، لأن الكلام في تقوية قلوب المؤمنين وتسليتها وإزالة الخوف عنها من المرتدين، والقرينة من السياق - يعني ما بعد هذه الآية - معينة لمعنى المحب والصديق وهو قوله تعالى


(١) قال شيخ الإسلام ابن تيمية في رسالة (مقدمة أصول التفسير) ص ٣٩ طبع المطبعة السلفية عند تنبيه على تفسير الرافضة هذه الآية بأن المراد بها علي بن أبي طالب: «ويذكرون الحديث الموضوع بإجماع أهل العلم وهو تصدقه بخاتمه في الصلاة». فالقصة إذن مكذوبة على كتاب الله من أصلها بإجماع أهل العلم، وليست هذه بأول دسائسهم ولا بأخرها.
(٢) في المطبوع (الكليني)، والصحيح أنه أبو النضر محمد بن السائب الكلبي، تركه معظم المحدثين، مات سنة ١٤٧هـ. ابن عدي، الكامل في ضعفاء الرجال: ٦/ ١١٤؛ ابن حجر، تهذيب التهذيب: ٩/ ١٥٧.
(٣) وكلاهما من صناديد التشيع. قال النسائي عن أبي صالح: ليس بثقة، وقال عنه ابن معين: ليس به بأس، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه تفسير. ميزان الاعتدال: ٢/ ٣؛ تهذيب التهذيب: ١/ ٣٦٤
(٤) تفسير الثعالبي: ١/ ٤٧١، وقد نقل مفسرو الإمامية هذه الرواية عن الثعالبي: مجمع البيان: ٢/ ٢٠٩؛ جوامع الجامع: ١/ ٣٣٧ ..
(٥) وفيات الأعيان: ٤/ ٣١٠.
(٦) تفسير الطبري: ٦/ ٢٨٧؛ السيوطي، الدر المنثور: ٣/ ٩٨.
(٧) الدر المنثور: ٣/ ١٠٥.
(٨) قال ابن منظور: «الولي هو الناصر، وقيل هو المتولي لأمور العالم المتصرف فيها ... ». لسان العرب: مادة ولي، ١٦/ ٤٠٦.
(٩) أي قوله تعالى: {من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم}.