للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العترة، فكيف يصح الحديث المروي عن الأمير بالتواتر عند الشيعة «إنما الشورى للمهاجرين والأنصار» (١) وكذلك لا يدل حديث «مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق» (٢) إلا على أن الفلاح والهداية منوطان بمحبتهم ومربوطان باتباعهم والتخلف عن محبتهم وأتباعهم موجب الهلاك. وهذا المعنى بفضل الله تعالى مختص بأهل السنة، لأنهم هم المتمسكون بحبل وداد جميع أهل البيت، كالإيمان بكتاب الله كله لا يتركون حرفا منه، وبالأنبياء أجمعين بحيث لا يفرقون بين أحد من رسله وأنبيائه، ولا يخصمون بعضهم بالمحبة دون بعض، لأن الإيمان ببعض الكتاب بحكم {تؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض} وببعض الأنبياء بدليل {إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض} الآية كفر غليظ، بخلاف الشيعة لأنهم ما من فرقة منهم إلا وهي لا تحب جميع أهل البيت، بل يحبون طائفة ويبغضون أخرى.

ولبعض الشيعة ههنا تقرير عجيب حيث قال: تشبيه أهل البيت في هذا الحديث يقتضى أن محبة أهل البيت واتباعهم كلهم غير ضروري في النجاة، لأن أحدا لو تمكن من زاوية من السفينة تحصل له النجاة من الغرق بلا شبهة، بل كذلك الدوران في السفينة بأن لا يجلس في مكان واحد، فالشيعة إذا كانوا متمسكين ببعض أهل البيت ومتبعين لهم يكونون ناجين بلا شبهة فقد اندفع طعن أهل السنة عليهم بإنكارهم لبعض أهل البيت.

وأجاب عنه أهل السنة بوجهين: الأول بطريق النقض بأن الإمامية لابد لهم أن لا يعتقدوا على هذا التقرير أن الزيدية والكيسانية والناوسية والأفطحية وأمثالهم من فرق الشيعة ضالون هالكون في الآخرة، بل ينبغي أن يعتقدوا فلاحهم ونجاتهم، لأن كلا من هذه الفرق وأمثالهم آخذون زاوية من هذه السفينة الوسيعة ومتخذون فيها مكانهم، والزاوية الواحدة من تلك السفينة كافية للنجاة عن الغرق، بل التعيين بالأئمة الاثني عشر صار مخدوشا على هذا التقرير، إذ الكفاية بزاوية واحدة من السفينة في النجاة من الغرق


(١) تقدم
(٢) ضعفه ابن كثير في تفسيره وابن حجر في ذخيرة الحفاظ، ووضعه الألبانى في ضعيف الجامع: ١/ ١٩٧٤.