للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أصابع الرجلين حين غسلهما، (١) مع أن غسل الوجه مرتين مذهب الشيعة لا مذهب أهل السنة (٢) فإنهم قد أجمعوا على كون التثليث مسنونا فلزم الجمع بين الإظهار والتقية! (٣) وقد ارتكب في بعض المحال تأويلات ركيكة بحيث أسقط كلام الإمام عن علو مرتبة البلاغة.

فمن تأويلهم لكلام السجاد الوارد عنه في دعائه أنه قال «إلهي عصيت وظلمت وتوانيت» وهذا الدعاء عن الأئمة الآخرين أيضا في كتبهم الصحيحة، وعلى كل من تقديري الصدق والكذب هو مناف للعصمة، وليس المحل محل التقية إذ حالة المناجاة لا تسعها وهم يقولون إن مراد الأئمة أن شيعتنا عصوا وظلموا وتوانوا ولكن رضينا بهم شيعة ورضوا بنا أئمة فحالنا حالهم وحالهم حالنا! سبحان الله، لو ثبت هذا الاتحاد في الأحوال بين الشيعة والأئمة كيف سرى عصيان الشيعة وظلمهم وتوانيهم في نفوس الأئمة ولم تسر طاعة الأئمة وعدلهم وعباداتهم في ذوات الشيعة؟ فحينئذ يلزم أن تغلب أحوال الشيعة على أحوال الأئمة وهي صارت مغلوبة، بل يلزم في ذوات الأئمة على هذا التقدير اجتماع أمور متناقضة كالفسق والصلاح والعصمة والمعصية والظلم والعدل، ولا يمكن أن تحمل أحوال الشيعة في حق الأئمة بالمجاز فإنه يمتنع في مثل هذه الأدعية التي يكون الحقيقة فيا من الكلام مقصودة كما هو الأظهر معاذ الله من سوء الاعتقاد! ولم يوجد قط في محاورة العرب والعجم نظير لنحو هذه التأويلات أصلا. وما يلزم - باعتبار علم الإعراب - من ركاكة الألفاظ ههنا غير خاف كحمل ضمير المتكلم الواحد على جمع الغائب وصيغة المتكلم على الغيبة. وباعتبار فن البلاغة من قباحة المعاني كإضافة المتكلم فعل الغير إلى نفسه من غير علاقة صارفة إلى المجاز من السببية والأمرية والمحلية والحالية وغير ذلك مما ذكر في موضعه، ومع ذلك ينسبون مثل هذا الكلام الفاسد إلى من بلغ الدرجة العليا من البلاغة. وما الذي يحمل الأئمة على أن ينسبوا ظلم شيعتهم وعصيانهم إلى أنفسهم فيلوثوا أذيالهم الطاهرة بتلك النسبة حتى جعلوا لمنكري عصمتهم سندا قويا وأضلوا جمعا كثيرا من الأمة بتلك الكلمات التي لم تكن ضرورية لهم حاشاهم ثم حاشاهم. وأيضا الأظهر والأجلى أن المسائل الفروعية قد وقعت فيها اختلافات القرون الأولى ولأهل السنة أيضا


(١) أخرج الطوسي عن علي - رضي الله عنه - قال: «جلست أتوضأ فأقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين ابتدأت بالوضوء فقال لي: تمضمض واستنشق واستن ثم غسلت ثلاثا، فقال: قد يجزيك من ذلك المرتان فغسلت ذراعي ومسحت برأسي مرتين، فقال: قد يجزيك من ذلك المرة، وغسلت قدمي، فقال لي: يا علي خلل بين الأصابع لا تخلل بالنار». الاستبصار: ١/ ٦٥؛ العاملي، وسائل الشيعة: ١/ ٤٢١.
(٢) ثبت الوضوء بمرة ومرتين وثلاث في كتب الحديث.
(٣) الكيدري، إصباح الشيعة: ص ٣٠؛ العاملي، الدورس الشرعية: ١/ ٩٠.