للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومعاوية ويزيد ومروان وابن زياد وأمثالهم - وكذا الأئمة الآخرين وقاتليهم يحيون بعد ظهور المهدي، ويعذب قبل حادثة الدجال كل من ظلم الأئمة ويقتص منهم، ثم يموتون ثم يحيون يوم القيامة.

وهذه العقيدة مخالفة صريحا للكتاب، فإن الرجعة قد أبطلت في أيات كثيرة منها قوله تعالى {قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت، كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون} ولا يخفى أن مناط التمسك ومحطه إنما هو قوله {من ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون} (١) فلا يمكن للشيعة أن يقولوا إن الرجعة تستحيل للعمل الصالح لا للقصاص وإقامة الحد والتعزير لما وقع المنع من الرجعة آخر الآية مطلقا. وقال الشريف المرتضى في (المسائل الناصرية): (٢) إن أبا بكر وعمر يصلبان على شجرة في زمن المهدي، قيل: إن تلك الشجرة تكون رطبة قبل الصلب فتصير يابسة بعده، فهذا الأمر سيضل به جمع، وهم يقولون: إن هذين البريئين قد ظلما، ولذا صارت الشجرة الخضراء يابسة. وقيل تكون تلك الشجرة يابسة قبل الصلب ثم تصير رطبة خضراء بعد الصلب، وبهذا السبب يهتدي خلق كثير. (٣)

والعجب ان هؤلاء الكذابين مختلفون بينهم في هذا الكذب أيضا، فقال جابر الجعفي (٤) هو من قدماء هذه الفرقة: إن أمير المؤمنين يرجع إلى الدنيا ودابة الأرض المذكورة في القرآن عبارة عنه. (٥) معاذ الله من سوء الأدب.

والزيدية


(١) ينظر الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: ١٢/ ١٤٩.
(٢) تصنيف علي بن الحسين بن موسى الموسوي (ت ٤٣٦هـ)،
(٣) من حديث طويل عند ابن رستم الطبري يقول فيه المهدي: «وأجيء إلى يثرب فأهدم الحجرة [أي التي دفن فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - وصاحبيه] وأخرج من بها وهما طريان [يعني أبا بكر وعمر - رضي الله عنهم - ا] فأمر بهما تجاه البقيع، وآمر بخشبتين يصلبان عليها، فتورقان من تحتهما فيفتتن الناس بهما أشد من الأولى ... ». الطبري، دلائل الإمامة: ٢٩٧؛ المجلسي، بحار الأنوار: ٥٣/ ١٠٤.
(٤) جابر بن يزيد بن الحرث الجعفي الكوفي، تركه النسائي، وقال يحيى: «لا يكتب حديثه ولا كرامة»، ونقل عباس الدوري عن زائدة: «بأنه كان كذابا»، مات سنة ١٢٨هـ. ميزان الاعتدال: ٢/ ١٠٣.
(٥) أخرج القمي عن أبي عبد الله قال: «انتهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أمير المؤمنين - عليه السلام - وهو نائم في المسجد، قد جمع رملا ووضع رأسه عليه، فحركه برجله ثم قال: قم يا دابة الله، فقال رجل من أصحابه يا رسول الله: أيسمي بعضنا بعضا بهذا الاسم؟ فقال: لا والله ما هو إلا له خاصة، وهو دابة الأرض الذي ذكر الله تعالى في كتابه {وإذا وقع عليهم القول أخرجنا لهم دابة من الأرض} فذكر الآية». تفسير القمي: ٢/ ١٣٠؛ وأخرجه الصافي في تفسيره: ٤/ ٧٤؛ والمجلسي في بحار الأنوار: ٣٩/ ٥٩.