للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحرارة في الأبدان والأجسام وتثور النامية وتحصل للنفس النباتية نضارة. وهذا المعنى متحقق في طلوعها كل يوم لأن الشمس إذا تمر بالحركة الأولى - التي هي أسرع الحركات وأظهرها - من دائرة الأفق وتنفض على سكان الأرض نورها وتجلي قوة البصر وتجعل الروح منتعشا وتقع الارتفاقات الخاصة بالإنسان من الزراعة والتجارة والصناعة والحرفة بسببها أحسن وأكثر وتبدو الحياة بعد الموت كقوله تعالى {وجعل لكم الليل لباسا والنوم سباتا وجعل النهار نشورا} وقوله تعالى {وجعلنا نومكم سباتا وجعلنا الليل لباسا وجعلنا النهار معاشا} فهذا الوقت أحق وأولى بالتعبد، بل إن تأمل العاقل يمكن أن يدري أن الفصول الأربعة تتحقق في مدة دورة ليلة ونهار، فمن وقت الصباح إلى نصف النهار فصل الربيع فحينئذ تكون الخضروات في الطراوة والأزهار وتكون الورود والأزهار منكشفة ناضرة ضاحكة ومزاج الحيوانات في النشاط، وإذا بلغت الشمس قريب دائرة نصف النهار فكأنما وصلت بالحركة الخاصة رأس السرطان فيبرز الصيف حيث يظهر اليبس والعطش في الأجسام ويذبلها حرها، وإذا قربت إلى الغروب صار حكمها كحكم الخريف، وإذا مضى نصف الليل وانتقلت الشمس من الانحطاط إلى الارتفاع فكأنما وصلت رأس الجدي فيبدو حكم الشتاء ويتقاطر الطل كالبرد.

الرابع: تجوز علمائهم السجود للسلاطين الظلمة، فإن باقرا المجلسي (١) وعلماءهم الآخرين (٢) قرروها لهم، وهو صريح المخالفة للقواعد الشرعية، (٣) لأن السجدة لغير الله تعالى على وجه العبادة أو التعظيم كفر وشرك بدليل قوله تعالى {لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون} وقوله تعالى {ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون} وغيرها من الآيات الدالة على انحصار السجدة في حق الخالق العليم بالغيب والشهادة خصوصا في الشريعة المحمدية. والتمسك بسجدة الملائكة لآدم ههنا في غاية الفساد، إذ لا يمكن أن تقاس أحكام البشر على أحكام الملك، وبسجود إخوة يوسف فإنه لم يكن أولا سجودا مصطلحا، (٤) وثانيا إنما يصلح التمسك


(١) محمد باقر بن محمد تقي بن مقصود، من أشهر كتبه (بحار الأنوار) مات سنة ١١١١هـ. روضات الجنات: ص ١١٤؛ الذريعة: ٢/ ٢٣٧، ١٢/ ٢٦١.
(٢) بحار الأنوار: ١٢/ ٣٣٩.
(٣) بدليل قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «لو كنت آمرا أحدا بالسجود لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها»، وقد أجمع أعلام الملة الإسلامية على أن السجود لغير الله كفر يخرج فاعله من ملة الإسلام مع العلم بتحريمه.
(٤) الجامع لأحكام القرآن: ١/ ٢٨٩.