للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بشرائع من قبلنا إذا لم يأت في شريعتنا نسخها وهذا الحكم منسوخ في شريعتنا قطعا. وإلا لكان الحق بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

ولنشرع الآن في المسائل الفقهية:

منها أنهم يقولون بطهارة الماء الذي استنجي به ولم يطهر المحل واختلطت أجزاء النجاسة بالماء حتى زاد وزن الماء بذلك، قال ابن المطهر الحلي في (المنتهى): إن طهارة ماء الاستنجاء وجواز استعماله مرة أخرى من إجماعيات الفرقة. (١)

وهذا الحكم مخالف لقواعد الشريعة لقوله تعالى {ويحرم عليهم الخبائث} أي أكلها وأخذها واستعمالها. ولا شك في كون هذا الماء نخسا خبيثا؛ ولروايات الأئمة، فقد روى صاحب (قرب الإسناد) (٢) وصاحب كتاب (المسائل) (٣) عن علي بن جعفر أنه قال سألت أخي موسى بن جعفر عن جرة فيها ألف رطل من ماء وقع فيه أوقية بول هل يصح شربه أو الوضوء منه؟ قال: لا، النجس لا يجوز استعماله. (٤)

والعجب أن مذهب الاثني عشرية في الماء إذا كان أقل من كر ينجس بوقوع النجاسة فيه، (٥) فتنجيس مثل هذا الماء القليل جدا بطريق الأولى.

ومنها حكمهم بطهارة الخمر (٦) كما نص عليه ابن بابويه (٧) والجعفي (٨) وابن عقيل. (٩)

وهذا الحكم مخالف لصريح الآية {إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان} والرجس في اللغة أشد النجاسة وأغلظها، كما ورد في حق الخنزير فإنه رجس. ولروايات الأئمة الموجودة في كتب الشيعة. فقد روى صاحب (قرب الإسناد) وصاحب كتاب (المسائل) وأبو جعفر الطوسي عن أبي عبد الله - عليه السلام - أنه قال: لا تصل في الثوب قد أصابه الخمر.


(١) هذا في كتبهم مثل شرائع الإسلام: ١/ ٢٢؛ مختلف الشيعة: ١/ ٢٣٦.
(٢) كتاب (قرب الإسناد إلى صاحب الأمر) لعبد الله بن جعفر بن الحسين بن مالك الحميري القمي قال عنه النجاشي: «شيخ القميين ووجههم»، مات نحو سنة ٣٠٠هـ. رجال النجاشي: ٢/ ١٨.
(٣) مسائل علي بن جعفر. تقدم.
(٤) مسائل جعفر بن علي: ص ١٩٨. وأخرجها الهمداني في مصباح الفقيه: ١/ ٣٠ - ٣١؛ والعاملي في وسائل الشيعة: ١/ ١٥٦
(٥) روى الكليني عن أبي بصير قال: «سألت أبا عبد الله - عليه السلام - عن الكر من الماء كم يكون مقداره؟ قال: إذا كان الماء ثلاثة أشبار في مثله ثلاثة أشبار ونصف في عمقه في الأرض، فذلك الكر من الماء». الكافي: ٣/ ٣؛ الطوسي، تهذيب الأحكام: ١/ ٤٢.
(٦) نبه الشيخ محمد نصيف في هامش نسخته على أن القول بطهارة الخمر ذهب إليه الظاهرية وبعض الشافعية. انظر شرح المهذب.
(٧) قال: «لا بأس بالصلاة في ثوب أصابه خمر لان الله تعالى حرم شربها ولم يحرم الصلاة في ثوب أصابته». من لا يحضره الفقيه: ١/ ٧٣.
(٨) الذريعة: ٣/ ٣٤٣.
(٩) نقل الحلي اختلافهم في هذه المسألة فقال: «وقال أبو علي بن أبي عقيل: من أصاب ثوبه أو جسده خمر أو مسكر لم يكن عليه غسلهما؛ لأن الله تعالى إنما حرمهما تعبدا لا لأنهما نجسان ... » الخ. مختلف الشيعة: ١/ ٤٦٩.