للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنها الحكم بطهارة المذي. (١) وهو مخالف للحديث الصحيح المتفق عليه. (٢) روى الراوندي عن موسى بن جعفر عن آبائه عن علي أنه قال: سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المذي فقال «يغسل طرف ذكره». (٣) وفي الصحيحين روى عن علي قال: كنت رجلا مذاء فكنت أستحي أن أسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - لمكان أبنته، فأمرت المقداد فسأله فقال «يغسل ذكره ويتوضأ» وكذا روى الترمذي عنه قال: سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - أي بواسطة المقداد - عن المذي فقال «من المذي الوضوء، ومن المني الغسل» (٤) وقد أورد أبو جعفر الطوسي أيضا روايات صريحة في نجاسة المذي، ولكن ليس له العمل والفتوى على ذلك.

ومنا القول بعدم انتقاض الوضوء بخروج المذي، (٥) مع أنهم يروون عن الأئمة خلاف ذلك. روى الطوسي عن [علي] (٦) بن يقطين عن أبي الحسن أنه قال: المذي منه الوضوء. (٧) روى الراوندي عن علي قال لأبي ذر أسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المذي فسأل فقال: «يتوضأ وضوءه للصلاة» (٨)

ومنها قولهم الودي، وهو بول غليظ جزما. والبول نجس بإجماع الشرائع. (٩)

ومنها حكمهم بعد انتقاض الوضوء من خروج الودي (١٠) مع أنه مخالف لرواية الأئمة روى الراوندي عن علي مرفوعا: الودي فيه الوضوء. (١١) روى غيره عن أبي عبد الله مثل ذلك. (١٢)

ومنها حكمهم بأن للذكر الاستبراء بعد ثلاث مرات بالتحريك، فما خرج بعد ذلك فطاهر وغير ناقض للوضوء أيضا. (١٣) وهذا الحكم مخالف لصريح الشرع إذ الخارج من السبيلين نجس وناقض للوضوء، والاستبراء لا دخل له في الطهارة اللاحقة وعدم انتقاض الوضوء ولا تأثير له في ذلك. وأيضا مخالف لروايات الأئمة. روى ابن عيسى عن أبي جعفر أنه كتب إليه: هل يجب الوضوء إذا خرج من ذكر بعد الاستبراء؟ قال: نعم. (١٤)

ومنها أن زرق الديك والدجاج طاهر عندهم، (١٥) مع أن نجاسته ثبتت بنصوص الأئمة في كتبهم المعتبرة. روى محمد بن الحسن الطوسي عن فارس أنه كتب رجل إلى


(١) تقدم. قال الطوسي: «المذي والودي لا ينقضان الوضوء ولا يغسل منهما ثوب». الخلاف: ١/ ٣٧. وقال الحلي: «اتفق أكثر علمائنا على أن المذي لا ينقض الوضوء ولا أعلم فيه مخالفا إلا ابن الجنيد فإنه قال: إن خرج عقيب شهوة ففيه الوضوء». مختلف الشيعة: ١/ ٢٦٠.
(٢) متفق عليه بين أهل السنة والإمامية
(٣) الراوندي، النوادر: ص ٤٥؛ النوري، مستدرك الوسائل: ١/ ٢٣٧.
(٤) صحيح الجامع: رقم ٥٩١٠.
(٥) قال الطوسي: «فأما المذي والودي فإنهما لا ينقضان الوضوء، والذي يدل على ذلك ... ». وروى عن زيد الشحام قال: «قلت: لأبي عبد الله المذي ينقض الوضوء؟ قل: لا ولا يغسل منه الثوب ولا الجسد، إنما هو بمنزلة البزاق والمخاط». تهذيب الأحكام: ١/ ١٧.
(٦) في الأصل يعقوب بن يقطين، والتصحيح من كتاب الطوسي.
(٧) أخرجها الطوسي في تهذيب الأحكام: ١/ ١٩. وعلق في كتابه الآخر: «ويمكن أن نحمله على ضرب من التقية؛ لأن ذلك مذهب أكثر العامة». الاستبصار: ١/ ٩٥. ويعني بالعامة أهل السنة.
(٨) النوادر: ص ٤٥؛ النوري، مستدرك الوسائل: ١/ ٢٣٧. لكن السائل هو المقداد بن الأسود،
(٩) كما قال ابن إدريس في السرائر: ١/ ١١٦.
(١٠) أخرج الطوسي عن الصادق قال: «الودي لا ينقض الوضوء إنما هو بمنزلة المخاط والبزاق». تهذيب الأحكام: ١/ ٢١
(١١) النوادر: ص ٤٥؛ النوري، مستدرك الوسائل: ١/ ٣٢٧.
(١٢) أخرج الطوسي عن ابن سنان عن أبي عبد الله قال: «ثلاث يخرجن من الإحليل وهن: المني فمنه الغسل، والودي فمنه الوضوء لأنه يخرج من دريدة البول» تهذيب الأحكام: ١/ ٢٠؛ الاستبصار: ١/ ٩٤. وترك الطوسي هذه الروايات الصحيحة وأخذ برواية حريز المقطوعة التي رويت (عمن أخبره) عن الصادق.
(١٣) أخرج الكليني عن ابن مسلم قال: «قلت لأبي جعفر - عليه السلام -: رجل بال ولم يكن معه ماء؟ قال: يعصر أصل ذكره إلى طرف ذكره ثلاث مرات وينتر طرفه، فإن خرج منه بعد ذلك شيء فليس من البول ولكنه من الحبائل». الكافي: ٣/ ١٩؛ والطوسي في تهذيب الأحكام: ١/ ٣٥٦.
(١٤) تهذيب الأحكام: ١/ ٢٨؛ الاستبصار: ١/ ٤٩. وعلق في الاستبصار قائلا: «يجوز أن يكون محمولا على ضرب من الاستحباب أو على التقية؛ لأن ذلك مذهب كثير من العامة».
(١٥) السرائر: ١/ ٧٨؛ شرائع الإسلام: ١/ ٦٩.